بحرفي الدال والجيم بلسانهم. وقد جهلوا إنه ليس عندنا في العربية حروف مركبة كما في اليونانية. فإن الابتداء بالساكن مرفوض عند العرب إذ لم نقل إنه، ويترجمون عن الثاء بالتاء وعن الذال بالتاء والزاي وكذا عن الظاء. فأما سائر الحروف فالعين والهاء والحاء عندهم همزة والخا كاف والصاد سين والضاد دال والطاء تاء والقاف كاف. وينطقون بالسين إذا تقدمتها حركة كالزاي وعلى ذلك المطران الخطيب اقطعوا الأزباب كما مرّ. فأما الهمزة فإنها وأن وقعت عندهم في أوائل الألفاظ فلا تقع متوسطة ولا متطرفة ولا يمكنهم النطق بها إلا مليَّنة. بل أعظم مؤلفيهم لا يدري أن الألف في أول الكلام لا تكون إلا همزة. وليس الغرض هنا تعليمهم الهمز فإنهم همازون. وإنما الغرض أن أبيّن لهذا الرملي الهارف المتملق مناضلة عن شيوخي الذين أخذت عنهم من العلم ما أخذت إن شيوخه لا يحسبون في عداد العلماء وإنه ليس من علماء مصر وتونس والغرب والشام والحجاز وبغداد من هو محتاج لأخذ حرف واحد عنهم. نعم أنَّ لهم باعاً طويلاً في التاريخ فيعرفون مثلاً أن أبا تمام والبحتري كانا متعاصرين. وأن الثاني أخذ عن الأول. وأن المتنبي كان متأخراً عنهما. وأن الحريري ألَّف خمسين مقامة حذا بها حذو البديع وما أشبه ذلك. إلا أنهم لا يفهمون كتبهم. ولا يدرون جزل الكلام من ركيكة وثبته من مصنوعه. ولا المحسنات اللفظية والمعنوية. ولا الدقائق اللغوية. ولا النكات الأدبية ولا النحوية. ولا الاصطلاحات الشعرية. فغاية ما يقال إنهم نتفوا نتفة من علوم الصرف بواسطة كتب الَّفت بالفرنساوية. فهل يسلّمون لعربي تعلّم لغتهم من كتب لغته بأنه كعلمائهم وإنهم محتاجون إلى التخرج عنه. ثم لا ينكر أيضاً أن مسيو دساسي "عز وجلe Sacy" حصّل بقوة اجتهاده ما أقدره على فهم كثير من كتبنا بل على الإنشاء في لغتنا أيضاً ولكن ما كلّ بيضاء شحمة. على إنه رحمه الله لا يُنظم في سلك العلماء المحررين. فقد فاته أشياء كثيرة في الأدب واللغة والعروض. وأني طالما والله أثنيت على براعته وأعظمت علمه وفضله. إلا أنه لما صارت مهارته وبراعته هذه سبباً للفساد فإنها هي التي جرّأت غيره على التصدر للتدريس بلغتنا وسوَّلت لهذا المفتري أن يتطاول على أهل العلم، كان من الواجب عليّ رعاية لحق العلم وأهله أن أسطر أسمه من بين أسماء الشيوخ في البلاد الإسلامية كافة. فدعا لمن تترس باسمه واستذرع بعلمه عن الدعوى والانتحال ولولا فحش قول هذا النقّاع المتحذلق وكذب دعواه لما تعرضت لتخطئة أحد منهم. فإني أعلم إنهم لن يرعووا عن غيّهم وما يزيدهم كلامي هذا إلا غروراً. بل الشيوخ الذين قضوا عمرهم في طلب العلم يتوّرعون من أن يقولوا مقالته. لأن الإنسان كلما زاد علمه زادت معرفته بجهله. ولعل كتابي هذا يقع في يد أستاذ فارسي أو هندي فيكون باعثاً لهما على الانتداب لتخطئتهم أيضاً في هاتين اللغتين. لأني أعلم عين اليقين إنهم فيهما أشد جهلاً. لأن الذين سافروا منهم إلى بلاد العرب أكثر من الذين سافروا إلى غيرها. ومع ذلك فلم يتعلموا منها سوى الركاكة والخطل وأعلم أيها القارئ العربي إني لم أجد من بين جميع ما طبعوا بلغتنا جديراً بالانتقاد سوى مقامات الحريري. وإني لضيق وقتي حالة كوني على جناح السفر لم يمكن لي النظر إلا في أبيات الشرح فقط. وقد وكلت غيري في نقد الباقي كما وكلني العلماء في نقد الأبيات ثم عثرت بعد ذلك برحلة العالم الأديب الشيخ محمد بن السيد عمر التونسي مطبوعة على الحجر عن خط مسيو بيرون وقد شحنها كلها بالتحريف والغلط مما لا تصح نسبته إلى أدنى تلامذة الشيخ المذكور. أيمكن لأحد من الطلبة فضلاً عن العالم أن يقول جوده ناسخ لكل الوجود أي لكل الجود. وإن يكتب العصا بالياء غير مرة- وأعلى أفعل التفضيل بالألف نحو عشرين مرة- ونجا باليا- واتعمى العالمون الضياء أي أيعمى العالمون- وآمنين مطمئنين حاله كونهما مرفوين- وفلاحين مصر- ومحموين السيرة- واستوزر الفقيه مالك- ولا يعصا- ولا أرى سوء رأيك أي لا أرى سوء رأيك ويتعدا رأيه - وأنني عشر ملك - ومن حيث أن أبا ديما والتكنياوي متعادلين لم أي متعادلان فلم - وتجد الرجال والنساء حسان - ودعى لنا - وعجوبة - وصواحبتها وصواحباتها - ولغة فيها حماس - وأنهما متقاربتي المعنى - وحتى تأتي أرباب الماشية فيقبضون