من جملة ما لزم لهذا للسفر ما عدا القاموس كان هذا الشرط. وهو أن يغيب الفارياق عن الجزيرة عامين وإذا رجع يوظف في وظيفته الأولى. فمن ثم كتب عرضاً للحاكم وأقام ينتظر الجواب. وبعد أيام ورد الجواب بقبول هذا الشرط. فوجد كل شيء ناجزاً للسفر لأن زوجته لمتكن في تلك المدة تهمل شيئاً. فلم يبق عليهما إلا تشريف الجواز بختم القناصل وأداء الغرامة الختمية الحتمية. إلا إنه بقي مختوم عليه من قنصل ليكورنه. فلما بلغوا مرساها أراد الفارياق أن يدخل البلد فأعترضه صاحب ديوان المكس. فقال له أنا أعطيك هنا ما كان يحق أن أعطيه للقنصل في الجزيرة. قال لا بل تعطي هنا ضعفين فأبى وعزم على الرجوع إلى السفينة. فرآه وزوجته رجل يدير زورقاً فلما علم بقضيتهما قال لهما أنا أدخل بكما البلد بنصف ما طلب منكما هذا المكاس الحرامي. فركبا في زورقه وعرج بهما من مكان خفي حتى دخلا البلد. ثم رجعا إلى السفينة فسارت بهما إلى جينوى ثم إلى مرسيلية ثم سافرا إلى باريس. وفيها اجتمع بمسيو لامرتين الشاعر المشهور في اللغة الفرنساوية. وأقاما فيها أياماً تحوفت من الكيس جانباً "فائدة إذا كنت في بلاد فرنسا فلا تنزل خاناً للإنكليز وإذا كنت في بلاد هؤلاء فلا تنزل خاناً لأولئك" ثم سافر إلى لندن المحلوم بها. فلما رأت المدينة وما فيها من التحف العجيبة. والرغائب الغربية. ومن الأنوار المزدهرة. والحوانيت النضرة. قالت إيه إيه لقد قصرت الأحلام عن اليقظة. نعم الدار هي مقاماً. وحبذا العيش فيها دواماً غير أني رأيت من نسائها أمراً بدعاً. قال فقلت الحمد لله على إنك بدأت بالنساء فهو من جدّ طالع الكتاب الذي يراد ترجمته. ولكن أي بدع هو. قالت كنت أسمعك تحكي عن بعض الأئمة أن عقول النساء في فروجهن. وقد أرى نساء هذه الدنيا الصغرى عقولهن في أدبارهن قلت فسري فإني لم افهم ما أردت. قالت إذا كانت المرأة توقع نفسها بين تهاتر الصنعة والفطرة مع الاستهتار. أي أنها تفخم شيئاً بالصنعة وهو في الخلقة غير عظيم المقدار. وتهيج الناس على إكباره والفضل كله للجار. أي إذا كانت تقول بلسان الحال إن لديّ عنصر عصار كالإعصار، لا يجدي معه الاعتصار. وطبلا فيه زمارة لكل زمار. وصفارة في حالتي الشبع والصفار ودنّا مقعاراً يحتاج إلى صمام إذ قد مليء إلى الاصمار وزوراء تستدعي بالزيار. وخرتا حريا بالدسار. وجحراً أو دحلاً ينجحر فيه الخاذر أي انجحار. وحشة ذات أكوار وأوكار وورباً يأوي إليه من ليس له وجار. ووأبة مؤئبة في الليل والنهار. ونقرة ذات تنقير ونقر على ابتدار. وصرف فرث ذات صرير وصرار. وأنقوعة اشتملت على صلة ولا سيما عند الإهجار. وعزلاء لو انحل وكاؤها لمنت بالدمار. ووطباً لوفشّ لاكفهر منه الجواريّ اكفهرار. وكيراً يتطاير من نفخة الشرار. وهيفاً إذاً هبت في الصيف قال الناس الفرار الفرار. أي إذا كانت خلقت وما تاربها أحد فاتخذت لها ترباً وراءها. ليغني غناءها. أي إذا جعلت دأبها كله في تنسيم المسطح. وتقبيب المفلطح أي إذا استحمقت الناظرين اليها. وأشارت إليهم أن عندي قعيدة أو نضيدة يقعد عليها. أي إذا رمزت إليهم إن الرَّكاز. تحت الجراز أي إذا استحقبت المصادع ثم جعلت تمشي وتنظر إلى حقبيتها وتعجب منها ونزهى بها وتنافس فيها وتحرص عليها وترتاح لها وتشوق إليها. فوجدت أخرى تفخرها في ذلك ثم وجدت هذه أيضاً من غلبتها في الاستحقاب فأجدر أن يقال أن عقولهن في الحقائب. هذا معنى ما قالته والجرار عبرت عنه بالقرع، والترب بالردف والحقيبة بالعدل. ولفظة أي في الأصل. قلت هذه عادة فلا تشاحني في العادات فإن لنسائنا أيضاً عادات كثيرة مكروهة في هذه البلاد. وذلك كالتكحيل والتزجيح والتخضيب والتحنية واليرنأة والثمغ والتسيير والتوقيف والاغتماس والترقن والترثن والتقفّز والتطريف والوشم والتنوّر والامتهاش والجمش والتحفف والنمص والحلْت والاستعانة والتفريب والضياق والفرْم والإلهاط والاستطابة والتصنيع والتسمين وعقص الشعر وتقليم الأظافر وتدريمها. وكشف الصدر وتحريك الخصر لمن قرصت أو قرزت أو مرصت أو مرزت أو غمزت. والحقي به أيضاً العُقْر وبيضة العقر والاختفاض والإهتجان وغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015