ثم اتفق بعد مدة أن قدم إلى الجزيرة السيد المعظم سامي باشا المفخم المشهور بالمناقب الحميدة. وكان للفارياق دالّة عليه فسار إليه ليهنئه بقدومه. فكلفه المشار إليه بأن يمكث عنده مدة اعتزال فأخبر زوجته بذلك. فقالت له كم مرة أقول لا خير في الاعتزال. قال لا بأس به إذا كان مع أمير فإن شرف الاسم يكفي. قالت لا يغني الاسم عن الفعل شيئاً. قال فقلت بل اجتز به كثير. قالت أمع جارٍ له. قلت لا أدري. قالت لو كان الاسم يغني لكانت المرأة تكتب على موضع من جسمها لفظة أمير. قلت أعوّض ما يمضي. قالت وإلا فأمْض على العوض. قلت ما أعجل النساء. قالت وما احبَّهن للإبطاء وأن يكون صبوراً. قالت لو لم تكن النساء اصبر من الرجال ما كنَّ يعمرن في الأرض أكثر منهم على ما يلحقهن من أوجاع الحبل والولادة. قلت ليس هذا هو السبب وإنما هو أن الصالح من الناس لا تطول حياته على الأرض بخلاف الطالح. قالت هل في الرجال صلاح وما من فساد إلا والرجال مخترعوه. هل تفسد الإناث في الإناث ما تفسده الذكور في الذكور. وهل يفسد النساء غير الرجال. ومن ذا الذي يتصبّاهن ويتآلفهن ويتنقثهن ويغازلهن ويغويهن بالمال والوداد والوفاء غيرهم. حتى إذا استوثق أحدكم بأحدنا فأحرز سرّها ذهب في الحال وباح به وربما سكر مع بعض معارفه أو تساكر فأفتخر أمامهم بإفشاء ما يجب كتمانه وبهتك ما يلزم صونه. إلا وإن الرجل الرجل منكم ليعتمد على ما خصّه الله به من القوة والبأس فيعتقد أنله الفضل على المرأة في كل شيء ولو كان الفخر بالقوة لكان الفيل افضل من الإنسان. نعم إنا ليسرنا أن نرى الرجل شيظما أيَّدا ولكن لا يليق به والحالة هذه إن يأتي امرأته الضعيفة المسكنية فيعاملها بالخيعرة والدغمرة والدنقرة والزنترة والزنخرة والزمجرة والزنهرة والشنزرة والشنصرة والشنظرة والشمصرة والعجهرة والغذمرة والغثمرة والغيثرة والخزربة والخطلبة والخظلبة والدحقبة والدعربة والدنحبة والزغدبة والسقلبة والشغزبة والشهجبة والصرخبة والصعنبة والطغربة والعثلبة والعصلبة والغسلبة والقحطبة والقرطبة والنيربة. ثم إذا ذهب إلى أخرى أوهمها إنه أسيرها وعانيها وقنّها ورقيقها وقَيْنها وقَنّورها وماهنهِا وقُنْجلها ومملوكها وذليل حبّها ودنف غرامها وعميد عشقها وصريع هيامها وميت هواها وشهيد حبّها. وإن الله تعالى لم يخلقه في الدنيا إلاّ لمرضاتها. قال فقلت إذا كان الرجل مخطئا في ذلك فالمرأة غير بريئة أيضاً لتصديقها إياه وانقيادها له. قالت إنما تصدّقه من صفاء سريرتها وسلامة صدرها. فإن الصادق لا يرتاب في كلام غيره وإن الكريم ينخدع. ولو أن الناس سمعوا مثلا بأن امرأة متزوجة تحب غير زوجها لأنكروا عليها ذلك كل الإنكار. واستفظعوه غاية الاستفظاع. فتطبّل به الطبول وتزمر الزمور وتكتب الكتب. ولا يبقى في البلد أحد إلا ويروي عنها حكاية أو ترّهة. فأما إذا سمعوا عن الرجل إنه يحب غير زوجته فإنهم يحملون فعله على وجه مرضي ويعتذورن عنه بقولهم أن امرأته غير زافنة. أو أنها جُخنّة مِنفاض. أو ميراص أو منشاص. أو خذنفرة أو غبوق أو زخّاخة خقوق. أو فتقاء غقوق. أو رتقاء غفوق. أو نجّاخة فشوش. أو منخار حَضُون. أو جَخْواء أخْجَى. أو جْخراء رهَوْىَ. أو مُجْخرة ضحياء. أو ضَهْواء ضهياء. أو هَرعِة رفغاء. أو سَلَقْلق أو متكاء. أو قَشْوَرا أو مصواء. أو ناسعة شقّاء. أو مهلوسة أو لصَّاء أو لثية. أو لَخْجم. أو خَيْق ذات عَفْلقَ أو قَلْذَم. أو حمق وعَفَل أو ذقناء. أو ميقاب أوفجواء أو لَقْوة أو خَثْواء. أو قَنْشورة أو ذناء. أو قرثع أو سلتاء. أو خرُور أو قعماء. أو عائط أو شرماء. أو عنبلة أو لخواء أو مجيّأة أو رَمضة وغير ذلك من العيوب ولا يرون في فعله هذا سماجة. مع إن للمرأة أسبابا تحملها على الشطح أكثر من أسباب الرجل. قلت تفضلي بذكرها كي أجانبها. قالت أوّلها ما إذا لم يقم الرجل بوفاء حق زوجته. وهو حق الزواج الذي من أجله تترك أباها وأمها وأهلها ووطنها وبلادها وغير مرة دينها. قلت اللهم لطفك وعصمتك ثم ماذا. قالت ومنها إهماله أمورها وقلة اهتمامه بما فيه راحتها وانشراح صدرها وتطيب خاطرها. وتلهيتها وتسليتها وترويتها وتحليتها وتدفئتها وتطريتها وتأسيتها وتقويتها وتمشيتها وتغديتها وتمزيتها وتمنيتها وتمليتها وتهنئتها وتوقيتها. قلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015