ويفيزوهن بفرص البين. فيخوضون البحار. ويقتحمون الكفار. ويعرضون أنفسهم لحد السيف. ولحرّ الصيف. وبرد الشتاء. وذل الاختتاء. ودهمات الاعداء. ودغمات الأرداء. ومقاساة الظمأ والسغب. ومعاناة الشقاء والتعب ومداراة الرقيب. ومباراة المعيب. والإغضاء عن الشين. والإفضاء إلى الحين وطالما قفل أحدهم إلى بيته فوجد في قفل عرضه مفتوحاً وسر أمره مفضوحاً. فرأى في موضعه ضَيْزنا وزبونا. وكثيرا ما آب وقد شُتر شدقه. أو وقُصت عنقه. أو كسرت ساقه. أو إِيف حملاقة أو ضاع ماله. وساءت حاله. فأول ما تبتدره به من الكلام. قولها له قبل السلام. أين الطُرقة. وكم من نُحْلى وتحفة. ولو انك كسوتها حلة بوران. وأسكنتها قصر غمدان. وأطعمتها أفخر الألوان. وسقيتها من الرحيق من يد الولدان. وطرّبتها بالعيدان ونزّهتها في رياض الجنان. وحملتها على الأكتاف. وواليت عليها الألطاف. لما رأيتها عنك راضية. ولا لحاجتك قاضية. والويل لك أن ناهزت الخمسين. وعجزت عن التموين. أو بدا الشيب في عارضك عند الأربعين. أو أصابك مرض في بعض السنين. وهي عند ذلك تتفتَّى وتصبى. وتتصبّى من يرضى ومن يأبى. فتغادرك في الفراش منهوكا. وتلازم الشباك وتشير منه إلى من يلبيّها وشيكاً. إن اغتنم من الدهر هذه الفرصة. فما من دونها غصّه. إذ هو في الفراش لا يعقل ولا يعي. ولا يبصر من يكون معي. ثم تأتي إليه فتقول أوص يا رجل فقد أزف رحيلك. وجفاك طبيبك وخليلك. وملك عائدك ومقيلك. وأنت خبير يا ذا الحليلة. بأنه لن يعجزها في الإجهاز عليه حلية. وإنها إذا رامت أن تتخذ في كل يوم خليلاً ألفته وراء الباب عتيداً فعولاً. معاوداً وصولاً. فوسيلتها إليه غمزة بعينها. ومنُتها لديه شُخبة تطفي أو أم غنيها. بخلاف الرجل فإنه لا يزال بحرقته مشغولاً مكبّلاً بهمه معقولاً. أو يخشى انقباضا وترويلاً. أو صرف درهم أن يجد منه بديلاً. فكيف يقال ان الرجل والمرأة في التكفيل بأدل المعارم سيان. وفي التكلف لحمل المغارم عديلان. فهل فيكم من مجيب عن هذا الأمر المريب. فتصدى له الذي هجا النساء جميعاً. وقال دونك الجواب سريعاً. فكن له سميعاً، وللحق مطيعاً. إني إنما هجوت النساء لا من حيث إنهن اسعد منا واسلم آفات. أو اقدر على اللذات. وأفوز بالمسرات. بل من حيث إنهن خلقن لنا فتنة وضلالاً. وعذاباً ونكالاً. فما قلته فيهن فقد قلته عن حسد. وما أقوله الآن فهو عن تحرّ ورشد. إن المرأة ما دامت في بيت أبويها عانسا لا تزال محظورة لا ترى لها أليفاً ولا مؤانساً. وأخوها إذ ذاك يرتع ويلعب. ويلهو ويطرب ويسافر ويتغرب. يألف من يألف ويصحب من يصحب وكلما زاد مرحاً ذاد أبوه ابتهاجا به وفرحا. فإذا تزوجت صارت تحت حظر بعلها وصار هو مالك ناصيتها وولي فعلها. فلا تكاد تخرج من بيتها إلا بأذنه. ولا تأتي أمراً إلا إذا استوثقت فيه من أمنه. فإن قال لها لك أن تفعليه. كان كالممتنّ عليها بتراث أبيه. وإن قال لن تفعلي رجعت وعبرتها كالولي وبنار حسرتها تصطلي. ثم إن عليها أن تتملقه إذا سخط مخافة بطشه. وأن تقوم بخدمة رحله وحفشه وتطبخ له كل يوم ما يقترح عليها. وتجدد له من قديم متاعه ما يلقيه إليها. وتحفظ نَضَده. وتقوم أوده وتربي ولده. فكم ليلة تبيت تداريه فيها وهو يملأ المكان غطيطا. وجخيفا ونحيطا فهي التي ترضعه وتفطمه وترشحه وتسرهده. وترعاه وتتعهده. وتوقظه وترقده. وتلعّبه وتلهّيه. وتعلله وتراضيه. وتؤانسه وتسليه. وتجالسه وتمنيه وتنظفه وتمشطه. وتمّرضه وتحوّطه. وتمشيه وتحمله وتستدرجه وتنقله. وتغسله وتلبسه وتعطره وتطوسه. وتدفئه وتُلْبئه. ألبأه أطعمه اللبا لأول اللبن. وتدأدئه وتُهْدئه الدادة التحريك والتسكين والإهداء التسكين.
وتزقزقه وتباغمه الزقزقة الترقيص كالزهزقة والمباغمة تقدم ذكرها.
وتربّته وتهمهمه التربيت ضرب اليد على جنب الصبي قليلاً لينام والهمهمة تنويم المرأة الطفل بصوتها.
وتهدهده وترعمه هدهد الصبي حركه لينام والترعيم تقدم ذكره.
وتداعبه وتطايبه وتدندن له وتقاربه. قاربه ناغاه بكلام حسن.
وتّنه وتصربه هدّن الصبي أرضاه والصرب عقد البطن الصبي ليسمن.
وتدغره وتضّببه الدغر رفع المرأة لها الصبي بإصبعها وضّبب الصبي أطعمه الضبيبة. وهي سمن ورُب يجعل له في عكة.