ترددت عليه غلبني الحياء منه، فقال له الشيخ: كن على باب مولاك كالولد الصغير مع أمه، كلما طردته ترامى عليها، فلا يزال كذلك حتى تكون هي التي تضمه إليها، يا أخي، إذا وليت عن بابه فباب من تقصد؟ وأنشدوا في المعنى شعراً:
قم واعتذر عن قبائح سلفت ... وسله يعفو عن الذي كانا
فإن مولى الجميع ذو كرم ... يبدل السيئات غفرانا
ويحكى أن رجلاً أصاب ذنباً فنودي في سره: قم أخرج واطلب لك شفيعاً يشفع لك عند مولاك، فخرج فلقيه رجل في الطريق، فقال له: يا عبد الله إلى أين تريد، فقال: أريد من أتشفع به وأتوصل به إلى ربي فيقيل توبتي، فقال له: إرجع فإنه أرحم بك، فقال: لا بدلي من ذلك، ثم سار فلقيه رجل من بعض الأولياء، فقال: مرحباً بك يا حبيب الله، مرحباً بالعبد المعتذر من ذنبه، المستقيل من عثرته، إعلم أن الله تعالى قد قبل توبتك، وإذا بمناد من قبل السماء ثلاث مرات: قبلت.
وقيل في المعنى شعر:
ما اعتذاري وما يكون جوابي ... ما اعتذاري إذا قرأت كتابي
عن معاص أتيتها باغتراري ... بعد موتي بموقفي للحساب
يا عظيم الجلال مالي عذر ... فاعف عن زلتي وعظم مصابي
قال بعض السادات الصالحين: " قال الله تبارك وتعالى في بعض كتبه المنزلة: " يا ابن آدم تسألني فأمنعك لعلمي بما يصلحك، ثم تلح علي في السؤال فأجود بكرمي عليك فأعطيك ما سألتني وتستعين به على المعاصي، ثم أستر عليك ثم تعود إلى المعاصي فأستر عليك، فكم من جيل أصنعه معك، وكم من قبيح تصنعه معي، يوشك أن أغضب عليك فلا أرضى بعدها أبداً ".