وقال عيسى عليه السلام: " من أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب محيت عنه، وإن لم يتب وأذنب ذنباً ثانياً نكت في قلبه نكتة ثانية، ولا يزال يذنب وينكت حتى يصير القلب سوداً ".
وحكي عن الحسن البصري رضي الله عنه: أنه تاب على يده شاب يقال له العباس، وكان كثير المعاصي، ثم تاب ثم نكث سبعين مرة يتوب وينكث حتى كان آخر عمره وقد حضرته الوفاة، قال لوالدته أدركيني بالشيخ حتى أجدد التوبة على يديه، فلعل الله يقبلني. فأتت العجوز إلى الشيخ وسلمت عليه، وقالت له: أنا أم العباس، وقد حضرته الوفاة وهو يريد تجديد التوبة على يديك، فقال لها: إذهبي فلا حاجة لي فيمن يتوب وينكث، فرجعت باكية، وقالت: ويحك يا عباس إن الشيخ قد أبى أن يأتيك لقبح أفعالك، فقال: إلهي وسيدي ومولاي، إن الشيخ قطعني فلا تقطعني ولا تقطع رجائي منك.
ثم قال لوالدته: إذا أنا متّ فضعي رجلك على وجهي، وضعي في رقبتي حبلاً، واسحبيني في الأسواق وقولي هذا جزاء من عصى الله، فلعله يراني فيرحمني بفضله وكرمه. فهمت أن تضع رجلها على وجهه، وإذا بهاتف يقول: لا تضعي قدمك موضع السجود، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى قد غفر له وأعتقه من النار، فجهزته ووارته بالتراب وانصرفت.
فرأى الشيخ البصري رب العزة في المنام، وهو يقول: " يا حسن، ما حملك على أن تقنط عبدي من رحمتي، أليس أنا الذي خلقته ورحمتي وسعت كل شيء، وعزتي وجلالي لئن عدت إلى مثلها لأمحونك من ديوان الصالحين ".
وحكي أن شاباً دخل على الدنيوري، فرآه يعظ الناس، فقال له: يا شيخ ألا ترى ما نزل بي كلما وقفت على باب المولى صرفني بقواطع المحن والبلوى، وكلما