وإبدال التَّأْمِين من التخويف فقد كَانَت نوبتها هائلة ووقعتها غائلة
وَقَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد خرج السُّلْطَان يطْلب السَّاحِل حَتَّى وافى الفرنج على الرّملة وَذَلِكَ فِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى وَكَانَ مقدم الفرنج البرنز أرناط وَكَانَ قد بيع بحلب فَإِنَّهُ كَانَ أَسِيرًا بهَا من زمن نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَجرى خللٌ فِي ذَلِك الْيَوْم على الْمُسلمين وَلَقَد حكى السُّلْطَان قدّس الله روحه صُورَة الكسرة فِي ذَلِك الْيَوْم وَذَلِكَ أنّ الْمُسلمين كَانُوا قد تعَبَّوا تعبئة الْحَرْب فَلَمَّا قَارب العدوّ رأى بعض الْجَمَاعَة أَن يُغير الميمنة إِلَى جِهَة الميسرة والميسرة إِلَى جِهَة الْقلب ليكونوا حَال اللِّقَاء وَرَاء ظُهُورهمْ تل مَعْرُوف بِأَرْض الرملة فَبينا اشتغلوا بِهَذِهِ التعبئة هجمهم الفرنج وَقدر الله تَعَالَى كسرهم فانكسروا كسرةً عَظِيمَة وَلم يكن لَهُم حصن قريب يأوون إِلَيْهِ فطلبوا جِهَة الديار المصرية وَضَلُّوا فِي الطَّرِيق وتبددوا وأُسر مِنْهُم جمَاعَة مِنْهُم الْفَقِيه عِيسَى وَكَانَ وَهَناً عَظِيما جبره الله تَعَالَى بوقعة حطين الْمَشْهُورَة وَللَّه الْحَمد
قلت وَذَلِكَ بعد عشر سِنِين فكسرة الرّملة هَذِه كَانَت فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وكسرة حطين كَانَت فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَحَيْثُ كَانَت للْملك المظفر تَقِيّ الدّين فِي هَذِه الْغَزْوَة الْيَد الْبَيْضَاء أنشدته قصيدة مِنْهَا
(سقى الله الْعرَاق وساكنيه ... وحيّاه حَيا الْغَيْث الهتون)