والأدلاء وانهم مَا كَانُوا يفارقونه فِي الْغَدَاء وَالْعشَاء فَلَمَّا وَقعت الْوَاقِعَة خرج بدوابه وغلمانه وَأَصْحَابه وأدلائه وأثقاله وَبث أَصْحَابه فِي تِلْكَ الرمال والوهاد والتلال حَتَّى أَخذ خبر السُّلْطَان وقصده وأوضح بأدلائه جدده وَفرق مَا كَانَ مَعَه من الأزواد على المنقطين وجمعهم فِي خدمَة السُّلْطَان أَجْمَعِينَ فسُهل ذَلِك الوعر وَأنس بعد الوحشة القفر وجبر الْكسر
وَكَانَ النَّاس فِي مبدأ توجُّه السُّلْطَان إِلَى الْجِهَاد وَدخُول الْأَجَل الْفَاضِل مَعَه إِلَى الْبِلَاد رُبمَا تحدثُوا وَقَالُوا لَو قعد وتخلف كَانَ أولى بِهِ فَإِن الْحَرْب لَيست من دأبه ثمّ عُرف أنّ السَّلامة وَالْبركَة والنجاة كَانَت فِي استصحابه
وَجَاء الْخَبَر إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ نجابين فَخلع عَلَيْهِم وأركبوا وأُشيع بِأَن السُّلْطَان نَصره الله وَأَن الفرنج خذلهم الله كسروا وغلبوا فركبت لأسْمع حَدِيث النجّابين وَكَيف نصر الله الْمُسلمين وَإِذا هم يَقُولُونَ أَبْشِرُوا فَإِن السُّلْطَان وَأَهله سَالِمُونَ وَإِنَّهُم واصلون غانمون فَقلت لرفيقي مَا بُشر بسلامة السُّلْطَان إِلَّا وَقد تمت كسرة وَمَا ثمَّ سوى سَلَامَته نُصرة
وَلما قرب خرجنَا لتلقيه وشكرنا الله على مَا يسره من ترقيه وتوقيه وَدخل الْقَاهِرَة يَوْم الْخَمِيس منتصف الشَّهْر ونابت سَلَامَته مناب النَّصْر وسيرنا بهَا البشائر وأنهضنا ببطاقاتها الطَّائِر لإخراس أَلْسِنَة الأراجيف