فتقضى لبانات وتلقى أحبة ... ويورق غصن للسرور رطيب
دير قديم البناء من طسوج مسكن في غربي دجلة بين أرض السواد وأول أرض تكريت، وفيه قتل مصعب بن الزبير، وقد تقدم.
بناحية الرملة، نزل به الفضل بن إسماعيل بن صالح بن عبد الله بن العباس، فرأى فيه جارية حسناء بنتاً للقس، فخدمته مدة مقامه ثلاثة أيام وسقته شراباً عتيقاً، فلما انصرف أعطاها عشرة دنانير، وقال في طريقه:
عليك سلام الله يا دير من فتى ... بمهجته شوق إليك طويل
فلا زال من نوء السماكين نازل ... عليك يروي من ثراك هطول
يعلك منه برهة بعد برهة ... سحاب باحياء الرياض كفيل
إذا جاد روضاً دمعه بان منظر ... به لعيون الناظرين جميل
ومشمولة أوقدت فيها لصحبتي ... مصابيح ما يخبو لهن فتيل
تعللني بالراح هيفاء غادة ... يخال عليها للقلوب وكيل
تجول المنايا بينهن إذا غدت ... لواحظها بين القلوب تجول
أيا بنت قس الدير قلبي موكل ... عليك وجسمي مدنف وعليل
بالشام، فيه يقول بعض الشعراء:
نعم المحل لمن يسعى للذته ... دير لمريم فوق الطهر معمور
ظل ظليل وماء غير ذي أسن ... وقاصرات كأمثال الدمى حور
بظاهر المطيرة، بين شجر وبساتين ومياه، قال فيه ابن المعتز:
سقى الجزيرة ذات الظل والشجر ... ودير عبدون هطال من المطر
فطال ما نبهتني للصبوح بها ... في غرة الفجر والعصفور لم يطر
أصوات رهبان دير في صلاتهم ... سود المدارع نعارين في السحر
مزنرين على الأوساط قد جعلوا ... على الرؤوس أكاليلاً من الشعر
وزارني في قميص الليل ملتحفاً ... مستعجل الخطو من خوف ومن حذر
وغاب ضوء هلال كنت أرقبه ... مثل القلامة قد قدت من الظفر
فكان ما كان مما لست أذكره ... فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر
بنواحي دمشق، حواليه قصور ومتنزهات وبساتين لبني أمية، وهنالك قبر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، توفي سنة إحدى ومائة، وكان قد انتقل إليه واشترى موضع قبره من سمعان صاحب الدير بثلاثة دنانير وقيل بدينارين، وقال رجل يرثيه:
قد غيبوا في ضريح الترب وانصرفوا ... بدير سمعان قسطاس الموازين