مراكب العمانيين بأمتعتها وبضائعها، وقد ترد عليها مراكب الصين والهند بالثياب والأفاوه العطرية الهندية فيشترون ذلك جزافاً لأنهم أهل يسار وأموالهم كثيرة، وبين الديبل وموقع نهر مهران قليل.
من الموصل إلى نصيبين إلى مدينة دنيصر، وهي مدينة في بسيط من الأرض فسيح وحولها بساتين الرياحين والخضر تسقى بالسواني، وكأنها بادية ولا سور لها، وهي مشحونة بشراً، ولها أسواق حفيلة والأرزاق بها واسعة، وهي مخطر (?) لأهل بلاد الشام وبلاد الروم التي لطاعة الأمير مسعود، وبها المرافق الكثيرة.
هي كثيرة، نقتصر على المشتهر منها:
على شاطئ الفرات من الجانب الغربي، والقائم الأقصى مرقب من المراقب التي كانت بين الفرس والروم على أطراف الحدود، وفي هذا الدير قال الشاعر:
بدير القائم الأقصى ... غزال شادن أحوى
برى حبي له جسمي ... ولا يدري بما ألقى
وأخفي حبه جهدي ... ولا والله ما يخفى
هو بالجزيرة في أحسن موضع فيها وأكثره رياضاً وزهراً وشجراً وهو موصوف مألوف، قال عبد الله بن محمد بن زبيدة:
ألا يا دير حنظلة المفدى ... لقد أورثتني سقماً ووجدا
ألا يا دير جادتك الغوادي ... سحاباً حملت برقاً ورعدا
دير حنظلة (?) بن عبد المسيح:
بالحيرة، فيه يقول الشاعر:
بساحة الحيرة دير حنظله ... عليه أذيال السرور مسبله ... أحييت فيه ليلة مقبله ... وكاسنا بين الندامى معمله ... والراح فيها مثل نار مشعله ... وكلنا مستنفد ما خوله ...
بنواحي الشام، على قلعة مشرفة على مزارع زعفران ورياض حسنة، نزله الرشيد وشرب فيه ومعه الحسين بن الضحاك، فقال الحسين:
يا دير مران لا عريت من سكن ... قد هجت أشجاننا يا دير مرانا
هل عند قسك من علم فيخبرني ... أم كيف يسعد وجه الصبر من بانا
حث المدام، فإن الكأس مترعة ... مما يهيج دواعي الشوق أحيانا
بالحيرة، بنته هند بنت النعمان، وهي التي دخلت على خالد بن الوليد لما فتح الحيرة ودعت له لما برها وقضى حوائجها، فقالت: شكرتك يد افتقرت بعد غنى، ولا وصلتك يد استغنت بعد فقر، وأصاب الله بمعروفك مواضعه، ولا أزال من كريم نعمة إلا جعلك سبباً لردها إليه. وقالت: هذا دعاء كنا ندعو به لأملاكنا. وقال معن بن زائدة يذكر هذا الدير وهناك كان منزله:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... لدى دير هند والحبيب قريب