من لم يكن همه عيناً يفجرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
أقول لما أتاني ذكر مهلكه ... لا يبعدن قوام العقل والدين وكان معاوية وجه ابنه يزيد لحرب الروم، فأقام بدير سمعان ووجه الجنود، فأصابهم الوباء، وتلك غزوة الطوانة، فقال يزيد:
أهون علي بما لاقت جموعهم ... يوم الطوانة من حمى ومن موم
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقاً ... بدير سمعان عندي أم كلثوم
بسر من رأى بني قديماً وسكنه رواهب العذارى وكان كلما وهبت امرأة نفسها للتعبد سكنت معهن ويقال إنه رفع إلى بعض ملوك الفرس أن بذلك الدير من العذارى كل باهرة الجمال فأمر أن يحملن كلهن إليه فبلغهن ذلك، فقمن ليلتهن وأحيينها صلاة ودعاء وبكاء فطرقه طارق في تلك الليلة فأصبح ميتاً فأصبحن صياماً، والنصارى يصومون ذلك اليوم لهذا السبب وفي هذا الدير يقول جحظة:
ألا هل إلى دير العذارى ونظرة ... إلى الدير من قبل الممات سبيل
وهل لي بسوق القادسية سكرة ... تعلل نفسي والنسيم عليل
وهل لي بحانات المطيرة وقفة ... أراعي خروج الزق وهو عليل
إلى فتية ما شتت الود شملهم ... شعارهم عند الصباح شمول
وقد نطق الناقوس بعد سكوته ... (?) وشمعل قسيس ولاح قبيل
بقرب دير العاقول مقابل غربي دجلة، وهي مدينة بها مسجد جامح وأسواق وبها تتخذ الطنافس الجيدة وهي من مدائن الحيرة ومنها إلى مدينة جرجرايا.
بالرها (?) ، فيه بساتين موصوفة بالحسن، مر به عبد الله بن طاهر ومعه أخ له فنزلا فيه وشربا أياماً ثم خرجا إلى مصر فمات أخوه بها وعاد هو فنزل بهذا الدير وقال يذكر سروتين قديمتين فيه:
أيا سروتي بستان زكى سلمتما ... وغال ابن أمي نائب الحدثان
ويا سروتي بستان زكى سلمتما ... ومن لكما أن تسلما بضمان
قال شريح الخزامي (?) : اجتزت بهذا الدير فبينما أنا أدور فيه إذا بكتابة على اسطوانة فقرأتها فإذا فيها:
رب ليل كأنه نفس العا ... شق طولاً قطعته بانتحاب
ونعيم كوصل من بت أهوى ... قد تبدلته ببؤس العتاب
نسبوني إلى الجنون ليخفوا ... ما بقلبي من صبوة واكتئاب
ليت لي ما ادعوه من فقد عقلي ... فهو خير من طول (?) هذا العذاب