أعجب من آثَار الْأَبدَان بل كل مَا فِي الْعَالم من الْآثَار الإنسانية فَإِنَّمَا هِيَ من تَأْثِير النُّفُوس بِوَاسِطَة الْبدن فالنفوس والأبدان يتعاونان على التَّأْثِير تعاون المشتركين فِي الْفِعْل وتنفره النَّفس بآثار لَا يشاركها فِيهَا الْبدن وَلَا يكون للبدن تَأْثِير لَا تشاركه فِيهِ النَّفس
وعمق وشكل وسطح وَهَذِه الْمَقَادِير لَا تقوم إِلَّا بمادة إِلَى آخِره
جَوَابه أَنا نقُول قَوْلكُم هَذِه الْمَقَادِير لَا تقوم إِلَّا بمادة قُلْنَا وَكَانَ مَاذَا وَالنَّفس لَهَا مَادَّة خلقت مِنْهَا وَجعلت على شكل معِين وَصُورَة مُعينَة
قَوْلكُم مادتها إِن كَانَت نفسا لزم اجْتِمَاع نفسين وَإِن كَانَت غير نفس كَانَت مركبة من بدن وَصُورَة
قُلْنَا مادتها لَيست نفسا كَمَا أَن مَادَّة الْإِنْسَان لَيست إنْسَانا ومادة الْجِنّ لَيست جنا ومادة الْحَيَوَان لَيست حَيَوَانا
قَوْلكُم يلْزم كَون النَّفس مركبة من بدن وَصُورَة مُقَدّمَة كَاذِبَة وَإِنَّمَا يلْزم كَون النَّفس مخلوقة من مَادَّة وَلها صُورَة مُعينَة وَهَكَذَا نقُول سَوَاء وَلم تَذكرُوا على بطلَان هَذِه شُبْهَة فضلا عَن حجَّة ظنية أَو قَطْعِيَّة
الصَّغِير مِنْهُ لَيْسَ كالكبير فَلَو قبلت التجزيء فَكل جُزْء مِنْهَا إِن كَانَ نفسا لزم أَن يكون للْإنْسَان نفوس كَثِيرَة وَإِن لم يكن نفسا لم يكن الْمَجْمُوع نفسا
جَوَابه إِن أردتم أَن كل جسم يقبل التجزيء فِي الْخَارِج فكذب ظَاهر فَإِن الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب لَا تقبل ذَلِك وَلَا يلْزم أَن كل جسم يَصح عَلَيْهِ التجزيء والتبعيض فِي الْخَارِج أما على قَول نفاة الْجَوْهَر الْفَرد فَظَاهر وَأما على قَول متبنيه فَإِنَّهُ عِنْدهم جَوْهَر متحيز لَا يَصح عَلَيْهِ قبُول الانقسام سلمنَا أَنَّهَا تقبل الانقسام فَأَي شَيْء يلْزم من ذَلِك
قَوْلكُم إِن كَانَ كل جُزْء من تِلْكَ الْأَجْزَاء نفسا لزم اجْتِمَاع نفوس كَثِيرَة فِي الْإِنْسَان
قُلْنَا إِنَّمَا يلْزم ذَلِك لَو انقسمت النَّفس بِالْفِعْلِ إِلَى نفوس كَثِيرَة وَهَذَا محَال
قَوْلكُم وَإِن لم يكن كل جُزْء نفسا لم يكن الْمَجْمُوع نفسا مُقَدّمَة كَاذِبَة منتقضة فكم مَاهِيَّة ثَبت لَهَا حكم عِنْد اجْتِمَاع أَجْزَائِهَا فَإِن ذَلِك الحكم كماهية الْبَيْت وَالْإِنْسَان وَالْعشرَة وَغَيرهَا