وَأَيْضًا فالصور والأعراض محتاجة إِلَى محلهَا وَلَيْسَ احتياجها إِلَى تِلْكَ الْمحَال إِلَّا لمُجَرّد ذواتها وَلَا يلْزم من استقلالها بِهَذَا الحكم استغناؤها فِي ذواتها عَن تِلْكَ الْمحَال فَلَا يلْزم من كَون الشَّيْء مُسْتقِلّا باقتضاء حكم من الْأَحْكَام أَن يكون مستغنيا فِي ذَاته عَن الْمحَال وَالله أعلم
على القوى بعد الضعْف إِلَى آخِره جَوَابه أَن الْقُوَّة الخيالية جسمانية ثمَّ إِنَّهَا تقوى على تخيل الْأَشْيَاء الْعَظِيمَة مَعَ تخيلها الْأَشْيَاء الحقيرة فَإِنَّهَا يُمكنهَا أَن تتخيل الشعلة الصَّغِيرَة حَال مَا تخيل الشَّمْس وَالْقَمَر
وَأَيْضًا فَإِن الإبصار القوية الْقَاهِرَة تمنع إبصار الْأَشْيَاء الضعيفة فَكَذَلِك نقُول الْعُقُول الْعَظِيمَة الْعَالِيَة تمنع تعقل المعقولات الضعيفة فَإِن الْمُسْتَغْرق فِي معرفَة جلال رب الأَرْض وَالسَّمَوَات وأسمائه وَصِفَاته يمْتَنع عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَال الْفِكر فِي ثُبُوت الْجَوْهَر الْفَرد وَحَقِيقَته
أَن يحصل فِي الذِّهْن مَاهِيَّة السوَاد وَالْبَيَاض مَعًا والبداهة حاكمة بِأَن اجْتِمَاعهمَا فِي الْجِسْم محَال جَوَابه أَن هَذَا مبْنى على أَن من أدْرك شَيْئا فقد حصل فِي ذَات الْمدْرك صُورَة مُسَاوِيَة للمدرك وَهَذَا بَاطِل واستدلالكم على صِحَّته بانطباع الصُّورَة فِي الْمرْآة بَاطِل فَإِن الْمرْآة لم ينطبع فِيهَا شَيْء الْبَتَّةَ كَمَا يَقُوله جُمْهُور الْعُقَلَاء من الفلاسفة والمتكلمين وَغَيرهم وَالْقَوْل بالانطباع بَاطِل من وُجُوه كَثِيرَة ثمَّ نقُول إِذا كُنْتُم قد قُلْتُمْ ان المتطبع فِي النَّفس عِنْد إِدْرَاك السوَاد وَالْبَيَاض رسومهما ومثالهما لَا حقيقتهما فَلم لَا يجوز حُصُول رسوم هَذِه الْأَشْيَاء فِي الْمَادَّة الجسمانية
منقسم لم يمْنَع أَن يقوم بِبَعْض أَجزَاء الْجِسْم علم بالشَّيْء وبالجزء الآخر مِنْهُ جهل بِهِ فَيكون الْإِنْسَان عَالما بالشَّيْء جَاهِلا بِهِ فِي وَقت وَاحِد جَوَابه أَن هَذِه الشُّبْهَة منتقضة على أصولكم فَإِن الشَّهْوَة وَالْغَضَب والتخيل من الْأَحْوَال الجسمانية عنْدكُمْ ومحلها منقسم فلزمكم أَن تجوزوا قيام الشَّهْوَة وَالْغَضَب بِأحد الجزأين وضدهما بالجزء الآخر فَيكون مشتهيا للشَّيْء نافرا عَنهُ غَضْبَان عَلَيْهِ غير غَضْبَان فِي وَقت وَاحِد