وَإِذا فَسدتْ هَذِه الْأَعْضَاء بسب اسْتِيلَاء الأخلاط الغليظة عَلَيْهَا وَخرجت عَن قبُول تِلْكَ الْآثَار فَارق الرّوح الْبدن وانفصل إِلَى عَالم الْأَرْوَاح
وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّوَاب فِي الْمَسْأَلَة هُوَ الَّذِي لَا يَصح غَيره وكل الْأَقْوَال سواهُ بَاطِلَة وَعَلِيهِ دلّ الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وأدلة الْعقل والفطرة وَنحن نسوق الْأَدِلَّة عَلَيْهِ على نسق وَاحِد
الدَّلِيل الأول قَوْله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} نفي الْآيَة ثَلَاثَة أَدِلَّة الْأَخْبَار بتوفيها وإمساكها وإرسالها
الرَّابِع قَوْله تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون} إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة}
وفيهَا أَرْبَعَة أَدِلَّة
أَحدهَا بسط الْمَلَائِكَة أَيْديهم لتناولها
الثَّانِي وصفهَا بِالْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوج
الثَّالِث الْإِخْبَار عَن عَذَابهَا فِي ذَلِك الْيَوْم
الرَّابِع الْإِخْبَار عَن مجيئها إِلَى رَبهَا فَهَذِهِ سَبْعَة أَدِلَّة
الثَّامِن قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ وَيعلم مَا جرحتم بِالنَّهَارِ ثمَّ يبعثكم فِيهِ ليقضى أجل مُسَمّى ثمَّ إِلَيْهِ مرجعكم} إِلَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة
أَحدهَا الْإِخْبَار بتوفي الْأَنْفس بِاللَّيْلِ
الثَّانِي بعثها إِلَى أجسادها بِالنَّهَارِ
الثَّالِث توفّي الْمَلَائِكَة لَهُ عِنْد الْمَوْت فَهَذِهِ عشرَة أَدِلَّة
الْحَادِي عشر قَوْله تَعَالَى {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} وفيهَا ثَلَاثَة أَدِلَّة
أَحدهَا وصفهَا بِالرُّجُوعِ