إِذا نفخت فِيهِ من روحي فأسجدوا لَهُ فَلَمَّا نفخ فِيهِ الرّوح فَدخل الرّوح فِي رَأسه عطس فَقَالَت الْمَلَائِكَة قل الْحَمد لله فَقَالَ الْحَمد لله فَقَالَ لَهُ الله يَرْحَمك رَبك فَلَمَّا دخل الرّوح فِي عَيْنَيْهِ نظر إِلَى ثمار الْجنَّة فَلَمَّا دخل فِي جَوْفه اشتهي الطَّعَام قبل أَن يبلغ الرّوح رجلَيْهِ فَنَهَضَ عجلَان إِلَى ثمار الْجنَّة فَذَلِك حِين يَقُول {خلق الْإِنْسَان من عجل} وَذكر بَاقِي الحَدِيث
وَقَالَ يُونُس بن عبد الْأَعْلَى أخبرنَا ابْن وهب حَدثنَا ابْن زيد قَالَ لما خلق الله النَّار ذعرت مِنْهَا الْمَلَائِكَة ذعرا شَدِيدا وَقَالُوا رَبنَا لم خلقت هَذِه النَّار ولأي شَيْء خلقتها قَالَ لمن عَصَانِي من خلقي
وَلم يكن لله يَوْمئِذٍ خلق إِلَّا الْمَلَائِكَة وَالْأَرْض لَيْسَ فِيهَا خلق إِنَّمَا خلق آدم بعد ذَلِك وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} قَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله لَيْت ذَلِك الْحِين ثمَّ قَالَ وَقَالَت الْمَلَائِكَة وَيَأْتِي علينا دهر نَعْصِيك فِيهِ لَا يرَوْنَ لَهُ خلقا غَيرهم قَالَ لَا إِنِّي أُرِيد أَن أخلق فِي الأَرْض خلقا وَأَجْعَل فِيهَا خَليفَة وَذكر الحَدِيث قَالَ ابْن إِسْحَاق فَيُقَال وَالله أعلم خلق الله آدم ثمَّ وَضعه ينظر إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ عَاما قبل أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح حَتَّى عَاد صلصالا كالفخار وَلم تمسسه نَار فَيُقَال وَالله أعلم لما انتهي الرّوح إِلَى رَأسه عطس فَقَالَ الْحَمد لله وَذكر الحَدِيث
وَالْقُرْآن والْحَدِيث والْآثَار تدل على أَنه سُبْحَانَهُ نفخ فِيهِ من روحه بعد خلق جسده فَمن تِلْكَ النفخة حدثت فِيهِ الرّوح وَلَو كَانَت روحه مخلوقة قبل بدنه مَعَ جملَة أَرْوَاح ذُريَّته لما عجبت الْمَلَائِكَة من خلقه وَلما تعجبت من خلق النَّار وَقَالَت لأي شَيْء خلقتها وَهِي ترى أَرْوَاح بني آدم فيهم الْمُؤمن وَالْكَافِر وَالطّيب والخبيث
وَلما كَانَت أَرْوَاح الْكفَّار كلهَا تبعا لإبليس بل كَانَت الْأَرْوَاح الْكَافِرَة مخلوقة قبل كفره فَإِن الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا حكم عَلَيْهِ بالْكفْر بعد خلق بدن آدم وروحه وَلم يكن قبل ذَلِك كَافِرًا فَكيف تكون الْأَرْوَاح قبله كَافِرَة ومؤمنة وَهُوَ لم يكن كَافِرًا إِذْ ذَاك وَهل حصل الْكفْر للأرواح إِلَّا بتزيينه وإغوائه فالأرواح الْكَافِرَة إِنَّمَا حدثت بعد كفره إِلَّا أَن يُقَال كَانَت كلهَا مُؤمنَة ثمَّ ارْتَدَّت بِسَبَبِهِ وَالَّذِي احْتَجُّوا بِهِ على تَقْدِيم خلق الْأَرْوَاح يُخَالف ذَلِك
وَفِي حَدِيث أَبى هُرَيْرَة فِي تخليق الْعَالم الْأَخْبَار عَن خلق أَجنَاس الْعَالم تَأَخّر خلق آدم إِلَى يَوْم الْجُمُعَة وَلَو كَانَت الْأَرْوَاح مخلوقة قبل الأجساد لكَانَتْ من جملَة الْعَالم الْمَخْلُوق فِي سِتَّة أَيَّام فَلَمَّا لم يخبر عَن خلقهَا فِي هَذِه الْأَيَّام علم أَن خلقهَا تَابع لخلق الذُّرِّيَّة وَأَن خلق آدم وَحده هُوَ الَّذِي وَقع فِي تِلْكَ الْأَيَّام السِّتَّة وَأما خلق ذُريَّته فعلى الْوَجْه الْمشَاهد المعاين