حيث قال بعد إيراد طرق الحديث المتعددة: "وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن، لا من صرع الخلط".
قال: "وقد أخرج البزار وابن حبان من حديث أبي هريرة شبيها بقصتها ولفظه: جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "ادع الله". فقال: "إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت صبرت ولا حساب عليك". قالت: "بل أصبر ولا حساب علي".
ثم ذكر ابن حجر الفوائد المأخوذة من الحديث ومنها:
إن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله، أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير. ثم قال وهو المقصود هنا: وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجع بأمرين:
أحدهما: من جهة العليل، وهو صدق القصد.
والآخر: من جهة المداوي وهو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل. والله أعلم"1 اهـ.
أيها المسلم إن هذه الآية الكريمة، والحديث الذي سبق ذكره عن البخاري وأحاديث أخرى في الصحيحين وغيرها، قد دلت على أن تلبس الجن بالإنس أمر ثابت، لا ينكره إلا مبتدع، أو جاهل لا يعرف النصوص الشرعية.
وإن التلبس مطلق، لا يخص بنوع، يطلق عليه بعض الناس اسم الزّار،
فهذه دعوى تخالفها النصوص المطلقة، والزّار، والأسماء المخترعة أمور محدثة، والتلبس موجود قبلها.