النبيين برسالة ((للإنسان)) لا لمجموعة من الأناس في بيئة خاصة، في زمان خاص، في ظروف خاصة..، رسالة تخاطب ((الإنسان)) من وراء الظروف والبيئات والأزمنة، لأنها تخاطب فطرة الإنسان التي لا تتبدل، ولا تتحور، ولا ينالها التغيير (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [الروم: 30] ، وفصّل في هذه الرسالة شريعة تتناول حياة ((الإنسان)) من جميع أطرافها، وفي كل جوانب نشاطها، وتضع لها المبادئ الكلية والقواعد الأساسية فيما يتطور فيها ويتحور بتغير الزمان والمكان، وتضع لها الأحكام التفصيلية والقوانين الجزئية فيما لا يتطور ولا يتحور بتغير الزمان والمكان..، وكذلك كانت الشريعة بمبادئها الكلية، وبأحكامها التفصيلية، محتوية كل ما تحتاج إليه حياة ((الإنسان)) منذ تلك الرسالة إلى آخر الزمان، من ضوابط وتوجيهات وتشريعات وتنظيمات، لكي تستمر، وتنمو، وتتطور، وتتجدد، حول هذا المحور وداخل هذا الإطار " (?) .

وهذا المعنى - وهو كمال الرسالة وشمولها - أشار إليه القرآن في غير موضع كقوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) [النحل: 89] وقال جلّ وعلا: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) [الأنعام: 38] .

لقد جمعت الشريعة الخاتمة محاسن الرسالات السابقة، وفاقتها كمالاً وجلالاً، يقول الحسن البصري رضي الله عنه: " أنزل الله مائة وأربعة كتب، أودع علومها أربعة: التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان (القرآن) ثمّ أودع علوم الثلاثة الفرقان " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015