قال: أفتوجدوني في غير هذا ما اختلفوا فيه مثل هذا؟
قلت: نعم، وربما وجدناه أوضحَ، وقد بيَّنا بعض هذا فيما اختلفت الرواية فيه من السنة، وفيه دلالة لك على ما سألتَ عنه، وما كان في معناه إن شاء الله.
وقال الله: {والمطلقاتُ يَتَرَبَّصْن بأنفسهن ثلاثةَ قروء} [البقرة 288]
وقال: {واللائي يَئِسْن من المحيض من نسائكم إن ارتَبتُم، فعِدَّتهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ، واللائي لم يحِضْنَ، وأولاتُ الأحمالِ أجلُهُنَّ أن يضعْنَ حملَهن} [الطلاق 4]
-[573]- وقال: {والذين يُتَوَفَّون منكم، ويَذَرون أزواجاً يَتَرَبَّصن بأنفسهن أربعةَ أشهر وعَشراً} [البقرة 234]
فقال بعض أصحاب رسول الله: ذكر الله المطلقاتِ أن عدة الحوامل أن يضعْن حملَهن، وذكر في المتوفَّى عنها أربعةَ أشهر وعشراً، فعلى الحامل المتوفى عنها أن تعتدَّ أربعة أشهر وعشراً، وأن تضع حمْلَها، حتى تأتي بالعدتين معاً إذا لم يكن وضعُ الحمل انقضاءَ العدة نصاً إلا في الطلاق.
كأنه يذهب إلى أن وضع الحمل براءةٌ، وأن الأربعة الأشهر وعشراً تَعَبُّدٌ، وأن المتوفى عنها تكون غيرَ مدخول بها، فتأتي بأربعة أشهر، وأنه وجب عليها شيءٌ من وجهين، -[574]- فلا تسقط أحدهما، كما لو وجبَ عليها حقَّان لرجلين لم يُسقط أحدُهما حقَّ الآخر، وكما إذا نَكَحَت في عدتها، وأُصيبت اعتدَّت من الأول، واعتدَّت من الآخِرِ.
قال: وقال غيره من أصحاب رسول الله: إذا وضعَتْ ذا بطنِها، فقد حَلَّت، ولو كان زوجها على السرير.