يجب عَلَيْهِ حفظ سره حَتَّى عَن زره إلا عَن شيخه , ولو كتم نفسا من أنفاسه عَن شيخه فَقَدْ خانه فِي حق صحبته , ولو وقع لَهُ مخالفة فيما أشار عَلَيْهِ شيخه فيجب أَن يقر بِذَلِكَ بَيْنَ يديه فِي الوقت ثُمَّ يستسلم لما يحكم بِهِ عَلَيْهِ شيخه عقوبة لَهُ عَلَى جنايته ومخالفته إِمَّا بسفر يكلفه أَوْ أمر مَا يراه ولا يصح للشيوخ التجاوز عَن زلات المريدين، لأن ذَلِكَ تضييع لحقوق اللَّه تَعَالَى وَمَا لَمْ يتجرد عَن كُل علاقة لا يَجُوز لشيخه أَن يلقنه شَيْئًا من الأذكار بَل يجب أَن يقدم التجربة لَهُ فَإِذَا شهد قلبه للمريد بصحة العزم فحينئذ يشترط عَلَيْهِ أَن يرضى بِمَا يستقبله فِي هذه الطريقة من فنون تصاريف الْقَضَاء فيأخذ عَلَيْهِ العهد بأن لا ينصرف عَن هذه الطريقة بِمَا يستقبله من الضر والذل والفقر والأسقام والآلام وأن لا يجنح بقلبه إِلَى السهولة ولا يترخص عِنْدَ هجوم الفاقات وحصول الضرورات ولا يؤثر الدعة ولا يستشعر الكسل فَإِن وقفة المريد شر من فترته والفرق بَيْنَ الفترة والوقفة أَن الفترة رجوع عَنِ الإرادة وخروج منها فَإِذَا جربه شيخه فيجب عَلَيْهِ أَن يلقنه ذكر من الأذكار عَلَى مَا يراه شيخه فيأمر أَن يذكر ذَلِكَ الاسم بلسانه ثُمَّ يأمره أَن يسوى قلبه مَعَ لسانه ثُمَّ يَقُول لَهُ اثبت عَلَى استدامة هَذَا الذكر كأنك مَعَ ربك أبدا بقلبك ولا يجري عَلَى لسانك غَيْر هَذَا الاسم مَا أمكنك ثُمَّ يأمره أَن يَكُون أبدا فِي الظاهر عَلَى الطهارة وأن لا يَكُون نومه إلا غلبة وأن يقلل من غذائه عَلَى التدريج شَيْئًا بَعْد شَيْء حَتَّى يقوي عَلَى ذَلِكَ ولا يأمره أَن يترك عادته بمرة فَإِن فِي الْخَبَر إِن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ثُمَّ يأمره بإيثاره الخلوة والعزلة ويجعل اجتهاده فِي هذه الحالة لا محالة فِي نفي الخواطر الدنية والهواجس الشاغلة للقلب.
واعلم أَن فِي هذه الحالة قلما يخلو المريد فِي أوان خلوته فِي ابتداء إرادته من الوساوس فِي الاعتقاد لا سيما إِذَا كَانَ فِي المريد كياسة قلب وكل مريد لا تستقبله هذه الحالة فِي ابتداء إرادته