هَذَا أَبُو يَزِيد يَقُول: من لَمْ يكن لَهُ أستاذ فإمامه الشَّيْطَان وسمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق يَقُول: الشجرة إِذَا نبتت بنفسها من غَيْر غارس فإنها تورق لكن لا تثمر كَذَلِكَ المريد إِذَا لَمْ يكن لَهُ أستاذ يأخذ منه طريقته نفسا فنفسا فَهُوَ عابد هواه لا يجد نفاذا ثُمَّ إِذَا أراد السلوك فبعد هذه الجملة يجب أَن يتوب إِلَى اللَّه سبحانه من كُل زلة فيدع جَمِيع الزلات سرها وجهرها وصغيرها وكبرها ويجتهد فِي إرضاء الخصوم أولا ومن لَمْ يرض خصومه لا يفلح لَهُ من هذه الطريقة بشيء وعلى هَذَا النحو جروا ثُمَّ بَعْد هَذَا يعمل فِي حذف العلائق والشواغل فَإِن بناء هَذَا الطريق عَلَى فراغ القلب وَكَانَ الشبلي يَقُول للحصري فِي ابتداء أمره إِن خطر ببالك من الجمعة إِلَى الجمعة الثَّانِيَة الَّتِي تأتيني فِيهَا غَيْر اللَّه تَعَالَى فحرام عليك أَن تحضرني وإذا أراد الخروج عَنِ العلائق فأولها الخروج عَنِ المال فَإِن ذَلِكَ الَّذِي يميل بِهِ عَنِ الحق وَلَمْ يوجد مريد دَخَلَ فِي هَذَا الأمر ومعه علاقة من الدنيا إلا جرته تلك العلاقة عَن قريب إِلَى مَا منه خرج فَإِذَا خرج عَنِ المال فالواجب عَلَيْهِ الخروج عَنِ الجاه فَإِن ملاحظة الجاه مقطعة عظيمة وَمَا لَمْ يستو عِنْدَ المريد قبول الخلق وردهم لا يجيء منه شَيْء بَل أضر الأشياء لَهُ ملاحظة النَّاس إياه بعين الإثبات والتبرك بِهِ لإفلاس النَّاس عَن هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ بَعْد لَمْ يصحح الإرادة فكيف يصح أَن يتبرك بِهِ فخرجهم من الجاه واجب عَلَيْهِم، لأن ذَلِكَ سم قاتل لَهُمْ فَإِذَا خرج عَن ماله وجاهه فيجب أَن يصحح عقيدته بينه وبين اللَّه تَعَالَى وأن لا يخالف شيخه فِي كُل مَا يشير عَلَيْهِ , لأن الخلاف للمريد فِي ابتداء أمره عظيم الضرر , لأن ابتداء حاله دليل عَلَى جَمِيع عمره ومن شرطه أَن لا يَكُون لَهُ بقلبه اعتراض عَلَى شيخه فَإِذَا خطر ببال المريد أَن لَهُ فِي الدنيا والآخرة قدرا أَوْ قيمة أَوْ عَلَى بسيط الأَرْض أحدا دونه لَمْ يصح لَهُ فِي الإرادة قدم لأنه يجب أَن يجتهد ليعرف ربه لا ليحصل لنفسه قدرا وفرق بَيْنَ من يريد اللَّه تَعَالَى
وبين من يريد جاه نَفْسه إِمَّا فِي عاجله وإما فِي آجله ثُمَّ