وَلَمْ يكن عصر من الأعصار فِي مدة الإِسْلام إلا وفيه شيخ من شيوخ هذه الطائفة مِمَّن لَهُ علوم التوحيد وإمامة الْقَوْم ألا وأئمة ذَلِكَ الوقت من الْعُلَمَاء استسلموا لِذَلِكَ الشيخ وتواضعوا لَهُ وتبركوا بِهِ ولولا مزية وخصوصية لَهُمْ وإلا كَانَ الأمر بالعكس هَذَا أَحْمَد بْن حنبل كَانَ عِنْدَ الشَّافِعِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فجاء شيبان الراعي.
فَقَالَ أَحْمَد: أريد يا أبا عَبْد اللَّهِ أَن أنبه هَذَا عَلَى نقصان علمه ليشتغل بتحصيل بَعْض العلوم.
فَقَالَ: الشَّافِعِي لا تفعل فلم يقنع.
فَقَالَ لشيبان: مَا تقول فيمن نسى صلاة من خمس صلوات فِي اليوم والليلة ولا يدري أي صلاة نسبها مَا الواجب عَلَيْهِ يا شيبان.
فَقَالَ شيبان: يا أَحْمَد هَذَا قلب غفل عَنِ اللَّه تَعَالَى فالواجب أَن يؤدب حَتَّى لا يغفل عَن مولاه بَعْد فغشى عَلَى أَحْمَد فلما أفاق قَالَ لَهُ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ ألم أقل لَك لا تحرك هَذَا وشيبان الراعي كَانَ أميا مِنْهُم فَإِذَا كَانَ الأمي مِنْهُم هكذا فَمَا الظن بأئمتهم وَقَدْ حكى أَن فقيها من أكابر الْفُقَهَاء كانت حلقته بجنب حلقة الشبلي فِي جامع الْمَنْصُور وَكَانَ يقال لِذَلِكَ الفقيه: أَبُو عمران وَكَانَ تتعطل عَلَيْهِم حلقتهم لكلام الشبلي فسأل أَصْحَاب أَبِي عمران يوما الشبلي عَن مسألة فِي الحيض وقصدوا إخجاله فذكر مقالات النَّاس فِي تلك المسألة والخلاف فِيهَا فقام أَبُو عمران وقبل رأس الشبلي.
وَقَالَ: يا أبا بَكْر استفدت فِي هذه المسألة عشر مقالات لَمْ أسمعها وَكَانَ عندي من جملة مَا قُلْت ثلاثة أقاويل وقيل: أجتاز أَبُو الْعَبَّاس بْن سريج الفقيه بمجلس الجنيد رحمها اللَّه تَعَالَى فسمع كلامه فقيل لَهُ: مَا تقول فِي هَذَا الْكَلام.
فَقَالَ: لا أدري مَا يَقُول ولكني أرى لِهَذَا الْكَلام صولة ليست بصولة مبطل وقيل لعبد اللَّه بْن سَعِيد بْن كلاب: أَنْتَ تتكلم عَلَى كَلام كُل أحد وههنا رجل يقال لَهُ: الجنيد فانظر هل تعترض عَلَيْهِ أم لا فحضر حلقته