بَاب الوصية للمريدين قَالَ الأستاذ: لما أثبتنا طرفا من سير الْقَوْم وضممنا إِلَى ذَلِكَ أبوابا من المقامات أردنا أَن نختم هذه الرسالة بوصية للمريدين نرجو من اللَّه تَعَالَى حسن توفيقهم لاستعمالها وأن لا يحرمنا القيام بِهَا ولا يجعلها حجة عَلَيْنَا فأول قدم للمريد فِي هذه الطريقة ينبغي أَن يَكُون عَلَى الصدق ليصح لَهُ البناء عَلَى أصل صحيح فَإِن الشيوخ قَالُوا إِنَّمَا حرموا الوصول لتضييعهم الأصول كَذَلِكَ سمعت الأستاذ أبا عَلِي يَقُول فتجب البداءة وبتصحيح اعتقاد بينه وبين اللَّه تَعَالَى صاف عَنِ الظنون والشبه خال من الضلال والبدع صادر عَنِ البراهين والحجج ويقبح بالمريد أَن ينتسب إِلَى مذهب من مذاهب من لَيْسَ من هذه الطريقة وليس انتساب الصوفي إِلَى مذهب من مذاهب المختلفين سِوَى طريقة الصوفية إلا نتيجة جهلهم بمذاهب أهل هذه الطريقة فَإِن هَؤُلاءِ حججهم فِي مسائلهم أظهر من حجج كُل أحد وقواعد مذاهبهم أقوى من قواعد كُل مذهب والناس إِمَّا أَصْحَاب النقل والأثر وإما أرباب العقل والفكر وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عَن هذه الجملة فالذي لِلنَّاسِ غيب فَهُوَ لَهُمْ ظهور والذي للخلق من المعارف مقصود فلهم من الحق سبحانه موجود فَهُمْ من أهل الوصول والناس أهل الاستدلال وَهُمْ كَمَا قَالَ القائل: ليلي بوجهك مشرق وظلامه من النَّاس ساري فالناس فِي سدف الظلام ونحن فِي ضوء النهار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015