بالبصرة فسمع رجل من أَصْحَاب سهل بْن عَبْد اللَّهِ ذَلِكَ فاشتاق إِلَيْهِ فخرج إِلَى البصرة فأتى حانوت الخباز فرآه يخبز وَقَدْ تنقب لمحاسنه عَلَى عادة الخبازين.

فَقَالَ فِي نَفْسه: لو كَانَ هَذَا وليا لَمْ يحترق شعره بغير نقاب ثُمَّ إنه سلم عَلَيْهِ وسأله شَيْئًا.

فَقَالَ الرجل: إنك استصغرتني فلا تنتفع بكلامي وأبي أَن يكلمه.

سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمع عَبْد الرَّحْمَنِ الرازي أبا عُثْمَان الحيرى يصف مُحَمَّد بْن الفضل البلخي ويمدحه فاشتاق إِلَيْهِ فخرج إِلَى زيارته فلم يقع بقلبه من مُحَمَّد بْن الفضل مَا اعتقد فرجع إِلَى أَبِي عُثْمَان وسأله.

فَقَالَ: كَيْفَ وجدته.

فَقَالَ: لَمْ أجده كَمَا ظننت.

فَقَالَ: لأنك استصغرته وَمَا استصغر أحد أحدا إلا حرم فائدته ارجع إِلَيْهِ بالحرمة فرجع إِلَيْهِ عَبْد اللَّهِ فانتفع بزياراته.

ومن المشهور أَن عُمَر بْن عُثْمَان الْمَكِّي رأى الْحُسَيْن بْن مَنْصُور يكتب شَيْئًا.

فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هُوَ ذا أعارض الْقُرْآن فدعا عَلَيْهِ وهجره.

قَالَ الشيوخ: إِن مَا حل بِهِ بَعْد طول المدة كَانَ لدعاء ذَلِكَ الشيخ عَلَيْهِ.

سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ الدقاق رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول لما نفى أهل بلخ مُحَمَّد بْن الفضل من البلد دعا عَلَيْهِم.

وَقَالَ اللَّهُمَّ امنعهم الصدق فلم يخرج من بلخ بعده صديق.

سمعت أَحْمَد بْن يَحْيَي الأبيوردي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول: من رضى عَنْهُ شيخه لا يكافأ فِي حال حياته لئلا يزول عَن قلبه تعظيم ذَلِكَ الشيخ فَإِذَا مَات الشيخ أظهر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مَا هُوَ جزاء رضاه ومن تغير عَلَيْهِ قلب شيخه لا يكافأ فِي حال حياة ذَلِكَ الشيخ لئلا يرق لَهُ فإنهم مجبولون عَلَى الكرم فَإِذَا مَات ذَلِكَ الشيخ فحينئذ يجد المكافأة بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015