بَاب فِي السماع قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 17-18] اللام للام فِي قَوْله: {الْقَوْلَ} [الزمر: 18] تقتضي التعميم والاستغراق والدليل عَلَيْهِ أَنَّهُ مدحهم باتباع الأحسن.
وَقَالَ تَعَالَى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] جاء فِي التفسير أَنَّهُ السماع.
واعلم أَن سماع الأشعار بالألحان الطيبة , والنغم المستلذة , إِذَا لَمْ يعتقد المستمع محظورا وَلَمْ يسمع عَلَى مذموم فِي الشرع وَلَمْ ينجر فِي زمام هواه وَلَمْ ينخرط فِي سلك لهوه مباح فِي الجملة ولا خلاف أَن الأشعار أنشدت بَيْنَ يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه سمعها وَلَمْ ينكر عَلَيْهِم فِي إنشادها فَإِذَا جاز استماعها بغير الألحان الطيبة فلا يتغير الحكم بأن يسمع بالألحان هَذَا ظاهر من الأمر ثُمَّ مَا يوجب للمستمع توفر الرغبة عَلَى الطاعات وتذكر مَا أعد اللَّه تَعَالَى لعباده المتقين من الدرجات ويحمله عَلَى التحرز من الزلات ويؤدي إِلَى قلبه فِي الحال صفاء الواردات مستحب فِي الدين ومختار فِي الشرع وَقَدْ جرى عَلَى لفظ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هُوَ قريب من الشعر وإن لَمْ يقصد أَن يَكُون شعرا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ.
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ حُمَيْدٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَحْفُرُونَ الْخَنْدَقَ فَجَعَلُوا، يَقُولُونَ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا