أَبُو الْحَسَنِ البوشنجي , والحسن الحداد , واشتريا بنصف درهم تفاحا فِي الطريق نسيئة وحملاه إِلَيْهِ فلما قعدا قَالَ أَبُو القاسم: مَا هذه الظلمة فخرجا وَقَالا: إيش فعلنا؟ وتفكرا فقالا: لعلنا لَمْ نؤد ثمن التفاح فأعطيا الثمن وعادا إِلَيْهِ فلما وقع بصره عليهما قَالَ: يمكن الإِنْسَان أَن يخرج من الظلمة بِهَذِهِ السرعة أخبراني عَن شأنكما فذكرا لَهُ القصة فَقَالَ: نعم كَانَ يعتمد كُل واحد منكما عَلَى صاحبه فِي إعطاء الثمن والرجل يستحي منكما فِي التقاضي فكان يتقي التبعة وأنا السبب إِنَّمَا رأيت ذَلِكَ فيكما وَكَانَ أَبُو القاسم المنادي هَذَا يدخل السوق كُل يَوْم ينادى فَإِذَا وقع بيده مَا فِيهِ كفايته من دانق إِلَى نصف درهم خرج وعاد إِلَى رأس وقته ومراعاة قلبه، وَقَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور
الحق إِذَا استولى عَلَى سر ملكه الأسرار فيعاينها ويخبر عَنْهَا، وسئل بَعْضهم عَنِ الفراسة فَقَالَ: أرواح تتقلب فِي الملكوت فتشرف عَلَى معاني الغيوب فتنطق عَن أسرار الخلق نطق مشاهدة لا نطق ظن وحسبان، وقيل: كَانَ بَيْنَ زَكَرِيَّا الشختني وبين امْرَأَة سبب قبل توبته فكان يوما واقفا عَلَى رأس أَبِي عُثْمَان الحيري بَعْد مَا صار من خواص تلامذته فتفكر فِي شأنها فرفع أَبُو عُثْمَان رأسه إِلَيْهِ وَقَالَ: أما تستحيي.
قَالَ الأستاذ الإِمَام رَحِمَهُ اللَّهُ كنت فِي ابتداء وصلتي بالأستاذ أَبِي عَلِي رضى اللَّه عَنْهُ عقد لي المجلس فِي مَسْجِد المطرز فاستأذنته وقتا للخروج إِلَى نسا فأذن لي فكنت أمشى مَعَهُ يوما فِي طريق مجلسه فخطر ببالي ليته يتوب عنى فِي مجالسي أَيَّام غيبتي فالتفت إِلي وَقَالَ أنوب عَنْك أَيَّام غيبتك فِي عقد المجالس فمشيت قليلا فخطر ببالي أَنَّهُ عليل يشق عَلَيْهِ أَن ينوب عنى فِي الأسبوع يومين فليته يقتصر عَلَى يَوْم واحد فِي الأسبوع فالتفت إلي وَقَالَ: إِن لَمْ يمكني فِي الأسبوع يومان أنوب عَنْك فِي الأسبوع مرة واحدة فمشيت مَعَهُ قليلا , فخطر ببالي شَيْء ثالث فالتفت إلي وصرح بالإخبار عَنْهُ عَلَى القطع.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت جدى أبا عَمْرو بْن نجيد يَقُول: كَانَ شاه الكرماني حاد الفراسة لا يخطئ وَيَقُول: من غض بصره عَنِ المحارم