مَا تشتري بِهِ شَيْئًا فتركه وسرت إِلَى غيره أوهمه أني أساومه ثُمَّ رجعت إِلَيْهِ وقلت لَهُ إِن كنت تبيع هَذَا فقل لي بكم؟ فَقَالَ: إِنَّمَا جعت يومين أقعد ثُمَّ حَتَّى إِذَا بعناه نعطيك مَا تشترى بِهِ شَيْئًا فقعدت فلما باعه أعطاني شَيْئًا ومشى فتبعته فالتفت إِلَى وَقَالَ إِذَا عرض لَك حاجة فأنزلها بالله تَعَالَى إلا أَن يَكُون لنفسه بها حظ فتحجب عَنِ اللَّه تَعَالَى.
وسمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت الكتاني يَقُول الفراسة مكاشفة اليقين ومعاينة الغيب وَهِيَ من مقامات الإيمان.
وقيل: كَانَ الشَّافِعِي ومحمد بْن الْحَسَن رحمهما اللَّه تَعَالَى فِي الْمَسْجِد الحرام فدخل رجل فَقَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن: أتفرس أَنَّهُ نجار، وَقَالَ الشَّافِعِي: أتفرس أَنَّهُ حداد فسألاه فَقَالَ: كنت قبل هَذَا حدادا والساعة أنجر وَقَالَ أَبُو سَعِيد الخراز: المستنبط من يلاحظ الغيب أبدا ولا يغيب عَنْهُ ولا يخفى عَلَيْهِ شَيْء وَهُوَ الَّذِي دل عَلَيْهِ قَوْل تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] والمتوسم هُوَ الَّذِي يعرف الوسم وَهُوَ العارف بِمَا فِي سويداء القلوب بالاستدلال والعلامات قَالَ اللَّه تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] أي للعارفين بالعلامات الَّتِي يبديها عَلَى الفريقين من أوليائه وأعدائه والمتفرس ينظر بنور اللَّه تَعَالَى وَذَلِكَ سواطع أنوار لمعت فِي قلبه فأدرك بِهَا المعاني وَهُوَ من خواص الإيمان وَالَّذِينَ هُمْ أَكْثَر من حظا الربانيون قَالَ اللَّه تَعَالَى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] يعنى: علماء حكماء متخلقين بأخلاق الحق نظرا وخلقا وَهُمْ فارغون عَنِ الإخبار عَنِ الخلق والنظر إليهم والاشتغال بِهِمْ وقيل: كَانَ أَبُو القاسم المنادي مريضا وَكَانَ كبير الشأن من مشايخ نيسابور فعاده