بَاب الإرادة قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52]
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْن عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يُوَفِّقْهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ
والإرادة بدء طريق السالكين وَهِيَ اسم لأول منزلة القاصدين إِلَى اللَّه تَعَالَى , وإنما سميت هذه الصفة إرادة، لأن الإرادة مقدمة كُل أمر فَمَا لَمْ يرد العبد شَيْئًا لَمْ يفعله، فلما كَانَ هَذَا أول الأمر لمن سلك طريق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سمى إرادة تشبيها بالقصد فِي الأمور الَّذِي هُوَ مقدمتها والمريد عَلَى موجب الاشتقاق من لَهُ إرادة كَمَا أَن العالم من لَهُ علم لأنه من الأسماء المشتقة ولكن المريد فِي عرف هذه الطائفة من لا إرادة لَهُ، فمن لَمْ يتجرد عَن إرادته لا يَكُون مريدا كَمَا أَن من لا إرادة لَهُ عَلَى موجب الاشتقاق لا يَكُون مريدا وتكلم النَّاس فِي معني الإرادة فَكُل عبر عَلَى حسب مَا لاح لقلبه فأكثر المشايخ قَالُوا الإرادة ترك مَا عَلَيْهِ العادة وعادة النَّاس فِي الغالب التعريج فِي أوطان الغفلة والركون إِلَى اتباع الشهوة والإخلاد إِلَى مَا دعت إِلَيْهِ المنية والمريد منسلخ عَن هذه الجملة فصار خروجه أمارة ودلالة عَلَى صحة الإرادة فسميت تلك الحالة إرادة وهى خروج عَنِ العادة فإذن ترك العادة أمارة الإرادة