ثم قال تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}؛ أي هذا الذي أمرتُكم به من طاعتي وطاعة رسولي وأولي (?) الأمر، وردِّ ما تنازعتم فيه إليَّ وإلى رسولي، خيرٌ لكم في معاشكم ومعادكم، وهو سعادتكم في الدارين، فهو خيرٌ لكم وأحسنُ عاقبَةً.
فدلَّ هذا على أن طاعة الله ورسوله، وتحكيم الله ورسوله، هو سببُ السعادة عاجلًا وآجلًا.
ومن تدبَّر العالَم والشُّرور الواقعة فيه علم أن كل شَرٍّ في العالم فسببه (?) مخالفة الرسول والخروج عن طاعته، وكل خير في العالم فإنما هو (?) بسبب طاعة الرسول. وكذلك شرور الآخرة وآلامها وعذابها إنما هي (?) موجباتُ مخالفة الرسول ومقتضياتُها، فعاد شرُّ الدنيا والآخرة إلى مخالفة الرسول وما يترتب عليه، فلو أن الناس أطاعوا الرسول حق طاعته لم يكن في الأرض شرٌّ قط.
وهذا كما أنه معلوم في الشُّرور العامّة والمصائب الواقعة في الأرض؛ فكذلك هو في الشَّر والألم والغَمِّ الذي يُصِيبُ العبدَ في نفسه، فإنما هو بسبب مخالفة الرسول، وإلَّا فطاعتُه (?) هي الحصن