الناس من الدين كلِّه إلى الله ورسوله، لا إلى أحدٍ غير الله ورسوله، فمن أحال الردَّ على (?) غيرهما فقد ضادَّ أمرَ الله، ومن دعا عند النزاع إلى تحكيم (?) غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية. فلا يدخل العبد في الإيمان حتى يَرُدَّ كل ما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله؛ ولهذا قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وهذا مما ذكرناهُ آنفًا أنّه شرطٌ ينتفي المشروطُ بانتفائه، فدلَّ على أن من حكَّم غير الله ورسوله في موارد النزاع كان خارجًا عن (?) مقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر. وحسبك بهذه الآية القاصمة العاصمة بيانًا وشفاءً، فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها، عاصمةٌ للمتمسكين بها الممتثلين لما أمرت به؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)} (?).
وقد اتفق السَّلف والخلف على أن الردَّ إلى الله هو الردُّ إلى (?) كتابه، والردُّ إلى رسوله (?) هو الردُّ إليه في حياته، والردُّ إلى سنَّته بعد وفاته (?).