فمن سلكَ هذه الطريقةَ استقامَ له سَفَرُ الهجرة، واستقام له علمُه وعملُه، وأقبلتْ وجوهُ الحقِّ (?) إليه من كلِّ جهة.
ومن العجب أن يَدّعيَ حصولَ هذه الأولوية والمحبة التامة مَن كان (?) سعيه واجتهاده ونَصَبه في الاشتغال بأقوال غيره وتقريرها، والغضب والحمية (?) لها، والرضى بها والتحاكم إليها، وعرض ما قال (?) الرسول عليها؛ فإن وافقها قَبِلَه، وإن خالفها التمسَ وجوهَ الحيل، وبالغَ في رَدِّه لَيًّا وإعراضًا؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} (?).
وقد اشتملت هذه الآية على أسرار عظيمة نحنُ نُنبِّهُ (?) على بعضها لشدة الحاجة إليها.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} (?).