فهذا وأمثاله [من الأخلاق] (¬1) التي أَدَّبَ اللهُ بها رسولَه، وقال فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} (?). قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كانَ خُلُقُه القرآنَ" (?).
وهذه لا تَتِمُّ (?) إلا بثلاثةِ أشياءَ:
أحدها: أن يكون العُودُ طيبًا، فأما إذا (?) كانت الطبيعةُ جافيةً غليظةً يابسةً عَسُرَ عليها مزاولةُ ذلك علمًا وإرادةً وعملًا، بخلاف الطبيعة المنقادةِ اللَّينةِ السَّلِسَةِ القِيَادِ، فإنها مستعدَّةٌ إنما تُرِيدُ الحرثَ والبذرَ.
الثاني: أن تكون النفس قويةً غالبةً قاهرةً لدَوَاعِي البطالةِ والغَيِّ والهوى، فإن هذه أعداءُ الكمالِ، فإن لم تَقْوَ النفسُ على قَهْرِها وإلا لم تَزَلْ مغلوبةً مقهورةً.
الثالث: علمٌ شافٍ بحقائق الأشياء، وتنزيلُها (?) منازِلَها، يميزُ به بين الشَّحْمِ والوَرَمِ، والزجاجة والجوهرة.