نعمك. فاجعلها عدتك وسلاحك، واجعل أمر الله ونهيه نصب عينيك.
وأحذرك ونفسي الله والاغترار به، والإدهان في أمره، والاستهانة بعزائمه، والأمن لمكره؛ فقد رأيت آثاره في أهل ولايته وعداوته، كيف جعلهم للماضين عبرةً، وللغابرين مثلاً.
واعلم أن خلقه كلهم بريته، لا وصلة بينه وبين أحدٍ منهم إلا بالطاعة، فأولاهم به أكثرهم تزايداً في طاعته، وما خالف هذا فإنه أمانيٌّ وغرور.
وقد مكن الله لك من أسباب المقدرة، ومهد لك في تمكين الغنى والبسطة ما لم تنحله بحيلة، ولا بلغته بقوة، لولا فضله وطوله. ولكنه مكنك ليبلوا خبرك، ويختبر شكرك، ويحصى سعيك، ويكتب أثرك، ثم يوفيك أجرك، ويأخذك بما اجترحت يدك أو يعفو؛ فأهل العفو هو.
ولله ابتلاءان في خلقه - والابتلاء هو الاختبار - ابتلاء بنعمة، وابتلاء بمصيبة. وبقدر عظمها يجب التكليف من الله عليها؛ فبقدر ما خولك من النعمة يستأديك الشكر.