لا يكون كما وصفت وكما ذكرت، ولست بخطيبٍ، ولا جارٍ قريبٍ، ولا ابن عمٍّ نسيب ".
وقال بعض الحكماء: لو لم تعرفوا من لؤم الحسد إلا أنَّه موكَّل بالأدنى فالأدنى. وليس يقع ذلك بين المتباينين، ولا يجوز في المتقاربين.
ولا يكون الطَّلب إلا بالطمع، ولا يكون الطمع إلا بالسَّبب. فإذا انقطع السَّبب انقطع الطَّمع، وفي عدم الطَّمع عدم الطلب. وكيف يتكلَّف الطيران من لا جناح له، وكيف يرجو صلاح أمر العامّة وترتيب الخاصَّة من عجز عن تدبير بيته، وقصَّر عن تدبير عبْده؟! وإنصاف اللِّسان قليل، وإنصاف القلب أقلُّ منه.
ونحن نرغب إلى الله في صلاحهم؛ فإنَّ في صلاحهم صلاح قلوبنا لهم.
وقد جعل الله الشكر موصولاً بالمزيد، ومن الشُّكر على نعمة الله علينا بكم أن نعظِّم ما عظَّم الله من أمركم. ومن صغّر ما عظَّم الله فقد عظَّم ما صغَّر الله. ولا يفعل ذلك إلا الصَّغير القدْر، والخامل الذّكر، والجاهل بالأمر.
وكيف لا تكونون على ما خبَّرت وكما وصفت، وقد أغنيتم من العيلة، وآنستم من الوحشة، وجمعتم الشَّمل، وأعدتم الألفة، ورددتم الظُّلامة، وأحييتم السُّنَّة، وأبرزتم التوحيد بعد اكتتامه، وأظهرتموه بعد استخفائه، واحتملتم عداوة الجميع، ووترتم المطاعنين في تقويتنا.
ونحن لا نُطالب ما كنتم قياماً، ولا نُذكر ما كنتم شهوداً. ونحن مع قلَّة علمنا لا نجد أبداً عملنا إلا مقصِّراً عن علمنا. وأنتم مع اتِّساع قلوبكم،