الغيظ سفيهٌ طيَّاش، وعجولٌ فحَّاش، يُعجل عن التوبة، ويقطع دون الوصية، ومعه من الخرق بقدر قسطه من التهاب المرة الحمراء. والعجول يخطئ وإن ظفر، فكيف به إذا أخفق. على أن إخفاقه يزيد في حقيقة خطئه كما أن ظفره لا ينتقص من مقدار زلله. وأنت روحٌ كما أنت وحشيّ من قرنك إلى قدمك. وعمل الآفة في الدِّقاق والعتاق أسرع، وحدها عن الغلاظ الجفاة أكلُّ؛ فلذلك اشتد جزعي لك من سلطان الغيظ وغلبته.
والله لو كنت ابتلعت مزار بابك، وأبطلت بمر الباطل، ووردت الفظائع كلها، ونقضت الشروط بأسرها، وأفسدت نتاجك، وقتلت كل شطر نجيٍّ لك، ورفعت من الدنيا فراهة الخيل، وجعلت المروج كلها حمىً، وكنت صداق المرادين، وبرسام الأولاد، ومسخت جميع الجواري في صورة أبي رملة ورددت شطاط خلقك إلى جُعودة أبي حثَّة وكنت أول من سنَّ بيع الرجال في النخاسين، وفتح باب الظلم لأصحاب المظالم، وحولت إليك عقل أبى دينار، وطبعت على بيان ما نويه، وأعنت على موت المعتصم، وغضبت لمصرع الأفشين، واستجبت للديك الأبيض