فإذا كان الكبر لا يليق بالمخلوق فإنما يليق بالخالق؛ وإنما عاند الله تعالى بالكبر لتعديه طوره، ولجهله لقدره، وانتحاله ما لا يجوز إلا لربه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " العظمة رداء الله، فمن نازعه رداءه قصمه ".
فصل منه
والنبيل لا يتنبل، كما أن الفصيح لا يتفصح؛ لأن النبيل يكفيه نبله عن التنبل، والفصيح تغنيه فصاحته عن التفصح. ولم يتزيد أحد قط إلا لنقص يجده في نفسه، ولا تطاول متطاول إلا لوهن قد أحس به في قوته.
والكبر من جميع الناس قبيح، ومن كل العباد مسخوط، إلا أنه عند الناس من عظماء الأعراب، وأشباه الأعراب أوجد، وهو لهم أسرع، لجفائهم وبعدهم من الجماعة، ولقلة مخالطتهم لأهل العفة والرعة، والأدب والصنعة.