الرسائل للجاحظ (صفحة 1289)

ويدل على صلاح مائهم كثرة دورهم، وطول أعمارهم، وحسن عقولهم، ورفق أكفهم، وحذقهم لجميع الصناعات، وتقدمهم في ذلك لجميع الناس.

ويستدل على كرم طينهم ببياض كيزانهم وعذوبة الماء البائت في قلالهم، وفي لون آجرهم، كأنما سبك من مح بيض. وإذا رأيت بناءهم وبياض الجص الأبيض بين الآجر الأصفر لم تجد لذلك شبهاً أقرب من الفضة بين تضاعيف الذهب.

فإذا كان زمان غلبة ماء البحر فإن مستقاهم من العذب الزلال الصافي، النمير في الأبدان، على أقل من فرسخ، وربما كان أقل من ميل.

ونهر الكوفة الذي يسمونه إنما هو شعبة من أنهار الفرات، وربما جف حتى لا يكون لهم مستقىً إلا على رأس فرسخ، وأكثر من ذلك، حتى يحفروا الآبار في بطون نهرهم، وحتى يضر ذلك بخضرهم وأشجارهم. فلينظروا أيما أضر وأيما أعيب.

وليس نهر من الأنهار التي تصب في دجلة إلا هو أعظم وأكبر وأعرض من موضع الجسر من نهر الكوفة، وإنما جسره سبع سفائن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015