الرسائل للجاحظ (صفحة 1288)

حياضهم إلا بعد أن يرتفع ذلك الماء في الهواء ثلاثين ذراعاً، في كل سقاية بعينها، لا لحوض بعينه.

وهذه أرض بغداد في كل زيادة ماء ينبع الماء في أجواف قصورهم الشارعة بعد إحكام المسنيات التي لا يقوى عليها إلا الملوك، ثم يهدمون الدار التي على دجلة فيكسون بها تلك السكك، ويتوقعون الغرق في كل ساعة.

قال: وهم يعيبون ماء البصرة، وماء البصرة رقيق قد ذهب عنه الطين والرمل المشوب بماء بغداد والكوفة، لطول مقامه بالبطيحة، وقد لان وصفا ورق.

وإن قلتم: إن الماء الجاري أمرأ من الساكن، فكيف يكون ساكناً مع تلك الأمواج العظام والرياح العواصف، والماء المنقلب من العلو إلى السفل؟ ومع هذا إنه إذا سار من مخرجه إلى ناحية المذار ونهر أبي الأسد وسائر الأنهار، وإذا بعد من مدخله إلى البصرة من الشق القصير، جرى منقضاً إلى الصخور والحجارة، فراسخ وفراسخ، حتى ينتهي إلينا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015