فعلم الله أنهم لا يتعاطفون ولا يتواصلون ولا ينقادون إلا بالتأديب، وأن التأديب ليس إلا بالأمر والنهي غير ناجعين فيهم إلا بالترغيب والترهيب الذين في طباعهم. فدعاهم بالترغيب إلى جنته، وجعلها عوضاً مما تركوا في جنب طاعته، وزجرهم بالترهيب بالنار عن معصيته، وخوفهم بعقابها على ترك أمره. ولو تركهم جل ثناؤه والطباع الأول جروا على سنن الفطرة، وعادة الشيمة.
ثم أقام الرغبة والرهبة على حدود العدل، وموازين النَّصفة، وعدَّلهم تعديلاً متفقا، فقال: " فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره ".
ثم أخبر الله تبارك وتعالى أنه غير داخلٍ في تدبيره الخلل، ولا جائزٌ عنده المحاباة؛ ليعمل كل عاملٍ على ثقةٍ مما وعده وواعده، فتعلقت قلوب