فقلت: ما يبكيك؟ فقال: " ما أعرف فيهم شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة؛ وهذه الصلاة قد ضيعت ". انتهى كلام الطرطوشي.
فليتأمل اللبيب هذه الأحاديث، وفي أي زمان قيلت؟ وفي أي مكان؟ وهل أنكرها أحد من أهل العلم؟ والفوائد فيها كثيرة، ولكن مرادي منها ما وقع من الصحابة، وقول الصادق المصدوق إنه مثل كلام الذين اختارهم الله على العالمين لنبيهم: اجعل لنا إلهاً، يا عجبا! إذا جرى هذا من أولئك السادة، كيف ينكر علينا أن رجلاً من المتأخرين غلط في قوله: يا أكرم الخلق؟ كيف تعجبون من كلامي فيه، وتظنونه خيراً وأعلم منهم؟ ولكن هذه الأمور لا علم لكم بها، وتظنون أن من وصف شركاً أو كفراً أنه الكفر الأكبر المخرج عن الملة.
ولكن أين كلامك هذا من كتابك الذي أرسلت إليّ قبل أن يغربلك الله بصاحب الشام، وتذكر وتشهد أن هذا هو الحق، وتعتذر أنك لا تقدر على الإنكار؟ ومرادي: أن أبين لك كلام الطرطوشي، وما وقع في زمانه من الشرك بالشجر، مع كونه في زمن القاضي أبي يعلى. أتظن الزمان صلح بعده؟
وأما كلام الشافعية، فقال الإمام محدث الشام: أبو شامة في كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، وهو في زمن الشارح وابن حمدان: وقد وقع من جماعة من النابذين لشريعة الإسلام، المنتمين إلى الفقر الذي حقيقته الافتقار من الإيمان، من اعتقادهم في مشايخ لهم ضالين مضلين، فهم داخلون تحت قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} 1 الآية.