2 - رسالة الاوطان والبلدان

[1- موضوع الكتاب: تفاضل البلدان وحب الاوطان]

فصل: زيّنك الله بالتّقوى، وكفاك المهمّ من أمر الآخرة والأولى، وأثلج صدرك باليقين، وأعزّك بالقناعة، وختم لك بالسّعادة، وجعلك من الشاكرين.

سألت- أبقاك الله- أن أكتب لك كتابا في تفاضل البلدان، وكيف قناعة النّفس بالأوطان، وما في لزومها من الفشل والنّقص، وما في الطّلب من علم التّجارب والعقل.

وذكرت أنّ طول المقام من أسباب الفقر، كما أنّ الحركة من أسباب اليسر، وذكرت قوم القائل: «الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم» .

ونسيت- أبقاك الله- عمل البلدان، وتصرّف الأزمان، وآثارهما في الصّور والأخلاق، وفي الشمائل والآداب، وفي اللّغات والشّهوات، وفي الهمم والهيئات، وفي المكاسب والصّناعات، على ما دبّر الله تعالى من ذلك بالحكمة اللطيفة، والتدابير العجيبة.

فسبحان من جعل بعض الاختلاف سببا للائتلاف، وجعل الشكّ داعية إلى اليقين، وسبحان من عرّفنا ما في الحيرة من الذّلّة، وما في الشّكّ من الوحشة، وما في اليقين من العزّ، وما في الإخلاص من الأنس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015