وإذا رأيت من الكريم فظاظة ... فإليه من أخلاقه أتظلّم
وقال الفضل بن يحيى: إنّ حاجب الرجل عامله على عرضه، وإنّه لا عوض لحرّ من نفسه، ولا قيمة عنده لحرّيّته وقدره.
وأنشدني ابن أبي كامل في هذا المعنى:
واعلمن إن كنت تجهله ... أنّ عرض المرء حاجبه
فبه تبدو محاسنه ... وبه تبدو معايبه
إسحاق الموصليّ عن ابن كناسة قال:
خبّرت أنّ هانىء بن قبيصة وفد على يزيد بن معاوية، فاحتجب عنه أياما، ثم إنّ يزيد ركب يوما يتصيّد فتلّقاه هانيء فقال: يا يزيد، إنّ الخليفة ليس بالمحتجب المتخلّي، ولا المتطرّف المتنحّي، ولا الذي ينزل على الغدران والفلوات، ويخلو للّذّات والشّهوات. وقد وليت أمرنا فأقم بين أظهرنا، وسهّل إذننا، واعمل بكتاب الله فينا. فإن كنت قد عجزت عمّا هنا فاردد علينا بيعتنا نبايع من يعمل بذلك فينا، ويقيمه لنا. ثم عليك بخلواتك وصيدك وكلابك.
قال: فغضب يزيد وقال: والله لولا أن أسنّ بالشام سنّة العراق لأقمت أودك.
ثم انصرف وما هاجه بشيء، وأذن له، ولم تتغيّر منزلته عنده، وترك كثيرا مما كان عليه.
الموصليّ قال: كان سعيد بن سلم واليا على أرمينية، فورد عليه أبو دهمان الغلّابي، فلم يصل إليه إلّا بعد حين، فلما وصل قال- وقد مثل بين السّماطين-: