بارغ الكرم، متواضعا طلقا، معتدل الجسم بهيّ المنظر، ليّن الجانب، ليس ببذخ ولا بطر ولا مرح، ليّن الكلام، طالبا للذّكر الحسن، مشتاقا إلى محادثة العلماء ومجالسة الصّلحاء، محبّا لكلّ ما زين عمله، معاندا للسّعاة، مجانبا للكذّابين، صدوقا إذا حدّث، وفيّا إذا وعد، متفهّما إذا خوطب، مجيبا بالصواب إذا روجع، منصفا إذا عامل، آنسا مؤنسا، محبّا للأخيار، شديد الحنوّ على المملكة، أديبا له لطافة في الخدمة، وذكاء في الفهم، وبسطة في المنطق، ورفق في المحاورة، وعلم بأقدار الرجال وأخطارها.
وقال في حاجب العامّة:
ينبغي أن يكون حاجب العامّة رجلا عبد الطّاعة، دائم الحراسة للملك، مخوف اليد، خشن الكلام مروّعا، غير باطش إلّا بالحقّ، ولا أنيسا ولا مأنوسا، دائم العبوس، شديدا على المريب، غير مستخفّ بخاصّة الملك ومن يهوى ويقرّ، من بطانته.
قال عبد الملك لأخيه عبد العزيز، حين وجّهه إلى مصر:
اعرف حاجبك، وجليسك، وكاتبك. فإنّ الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسّم يعرفك بحاجبك، والخارج من عندك يعرفك بجليسك.
وقال يزيد بن المهلب لابنه مخلد حين ولّاه جرجان: استطرف كاتبك، واستعقل حاجبك.
وقال الحجّاج: حاجب الرجل وجهه، وكاتبه كلّه.
وقال ابن أبي زرعة: [قال] رجل من أهل الشام، لأبي الخطاب لحسن بن محمد الطائي يعاتبه [في حجابه] :
هذا أبو الخطاب بدر طالع ... من دون مطلعه حجاب مظلم
ويقال وجه المرء حاجبه كما ... بلسان كاتبه الفتى يتكلّم
أدنيت من قبل اللّقاء، وبعده ... أقصيت، هل يرضى بذا من يفهم