وقلتم لقاح لا نؤدّي إتاوة ... فإعطاء أريان من الفرّ أيسر
ولو كان فيها رغبة لمتوّج ... إذا لأتتها بالمقاول حمير
وليس بها مشتى ولا متصيّف ... ولا كجؤاثا ماؤها يتفجّر
ولا مرتع للعين أو متقنّص ... ولكنّ تجرا، والتجارة تحقر
ألست كليبيّا وأمّك نعجة ... لكم في سمان الضّان عار ومفخر
أما قوله:
تأبّى الجلندى وابن كسرى وحارث ... وهوذة والقبطيّ والشيخ قيصر
فإنّه يقول: كتب النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى بني الجلندى فلم يؤمنوا وكذلك كسرى، وكذلك الحارث بن أبي شمر، وكذلك هوذة بن علي الحنفيّ، وكذلك المقوقس عظيم القبط صاحب الإسكندرية، وكذلك قيصر ملك الرّوم. على أنّ بني الجلندي قد أسلموا من بعد ذلك الكتاب، ولكنّ النّجاشيّ أسلم قبل الفتح، فدام له ملكه ونزع الله من هؤلاء النّعمة.
وقيصر إن كان قد بقي من ملكه شيء فقد أخرجوه من كلّ مكان يبلغه ظلف أو حافر، وصار لا يتمنّع إلّا بالخليج وبالعقاب والحصون وبالشّتاء والثّلوج والأمطار.
وفخر بلقمان وابنه.
وأمّا قوله:
غزاكم أبو يكسوم في أمّ داركم ... وأنتم كقبض الرّمل أو هو أكثر
فإنّه يعنى صاحب الفيل حين أتى مكّة ليهدم الكعبة. يقول: كنتم في عدد الرّمل، فلم فررتم منه ولم يلقه أحد منكم حتّى أفضى إلى مكّة، ومكة أمّ القرى، ودار العرب هي جزيرة العرب، ومكة قرية من قراها، ولكن لما كانت أقدمها قدما، وأعظمها خطرا، جعلت لها أمّا. ولذلك قيل لفتح مكّة: فتح الفتوح. وعلى مثل ذلك سمّيت فاتحة الكتاب: أمّ الكتاب.