ابن سليمان ما قال. وهو الذي يقول فيه أبو فرعون:
خلّوا الطّريق زوجتي أمامي ... أنا حميم فرج الحجّام
قال: وبلغ من عدالته ونبله في نفسه وتوقّيه وورعه، أنّ مواليه من ولد جعفر وكبار أهل المربد، كانوا لا يطمعون أن يشهدوه إلّا على أمر صحيح لا اختلاف فيه.
وأمّا الحيقطان فقال قصيدة تحتجّ بها اليمانية على قريش ومضر، ويحتجّ بها العجم والحبش على العرب، وكان جرير رآه يوم عيد في قميص أبيض وهو اسود، فقال:
كأنه لما بدا للناس ... أير حمار لفّ في قرطاس.
فلما سمع بذلك الحيقطان وكان باليمامة، دخل الى منزله فقال هذا الشعر:
لئن كنت جعد الرّأس والجلد فاحم ... فإنّي لسبط الكفّ والعرض أزهر
وإنّ سواد اللّون ليس بضائري ... إذا كنت يوم الرّوع بالسّيف أخطر
فإن كنت تبغي الفخر في غير كنهه ... فرهط النّجاشي منك في الناس أفخر
تأبّى الجلندى وابن كسرى وحارث ... وهوذة والقبطيّ والشيخ قيصر
وفاز بها دون الملوك سعادة ... فدام له الملك المنيع الموفّر
ولقمان منهم وابنه وابن أمّه ... وأبرهة الملك الذي ليس ينكر
غزاكم أبو يكسوم في أمّ داركم ... وأنتم كقبض الرّمل أو هو أكثر
وأنتم كطير الماء لّما هوى لها ... ببلقعة، حجن المخالب أكدر
فلو كان غير الله رام دفاعه ... علمت وذو التّجريب بالناس أخبر
وما الفخر إلّا أن تبيتوا إزاءه ... وأنتم قريب ناركم تتسعّر
ويدلف منكم قائد ذو حفيظة ... نكافحه طورا وطورا يدبّر
فأما التي قلتم فتلكم نبوّة ... وليس بكم صون الحرام المستّر