«إنّي لم أقف هذا الموقف وأمسك هذا الإمساك وأنا أريد مكروها، فلا ترع. ولو كنت أريد غلبة أو مكروها لقد كنت انتسفت عسكرك انتسافا أعجلك فيه عن الرويّة وقد أبصرت موضع العورة. ولولا أن تعرف هذه المكيدة فتعود بها على غيري من الأتراك، لعرّفتك موضع الانتشار والخلل والخطأ في عسكرك وتعبيتك. وقد بلغني أنّك رجل عاقل، وأنّ لك شرفا في بيتك وفضلا في نفسك، وعلما بدينك، وقد أحببت أن أسأل عن شيء من أحكامكم لأعرف به مذهبكم، فاخرج إليّ في خاصّتك لأخرج إليك وحدي، وأسائلك عما أحتاج إليه بنفسي. ولا تحتفل ولا تحترس؛ فليس مثلي من غدر، وليس مثلي يؤمن من نفسه، ومن مكره وكيده، ثم ينكث بوعده. ونحن قوم لا نخدع بالعمل، ولا نستحسن الخديعة إلّا في الحرب، ولو استقام أمر الحرب بغير خديعة لما جوّزنا ذلك لأنفسنا» .

فأبى الجنيد أن يخرج اليه إلّا وحده، ففصلا من الصّوف. وقال: سل عمّا أحببت، فإن كان عندي جواب أرضاه أجبتك، وإلّا أشرت عليك بمن هو أبصر بذلك منّي.

قال: ما حكمكم في الزّاني؟

قال الجنيد: الزّاني عندنا رجلان: رجل دفعنا إليه امرأة تغنيه عن حرم النّاس، وتكفّه عن حرم الجيران؛ ورجل لم نعطه ذلك، ولم نحل بينه وبين أن يفعل ذلك لنفسه. فأمّا الذي لا زوجة له فإنّا نجلده مائة جلدة ونحضر ذلك الجماعة من الناس لنشهّره ونحذّره به، ونغرّبه في البلدان لنزيد في شهرته وفي التّحذير منه، ولينزجر بذلك كلّ من كان يهمّ بمثل عمله. فأما الذي قد [أغنيناه] فإنا نرجمه بالجندل حتّى نقتله.

قال: حسن جميل، وتدبير كبير، فما قولكم في الذي يقذف عفيفا بالزّنى؟

قال: يجلد ثمانين جلدة، ولا نقبل له شهادة، ولا نصدّق له حديثا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015