والاخلاص وحسن النيّة، خدمة الأبناء للآباء، والآباء للأجداد، وهم بمواليهم آنس، وبناحيتهم أوثق، وبكفايتهم أسرّ.

وقد كان المنصور، ومحمد بن علي، وعلي بن عبد الله، يخصّون مواليهم بالمواكلة والبسط والإيناس، لا يبهرجون الأسود لسواده، ولا الدميم لدمامته، ولا الصناعة الدنيئة لدناءتها. ويوصون بحفظهم أكابر أولادهم، ويجعلون لكثير من موتاهم الصلاة على جنائزهم، وذلك بحضرة من العمومة وبني الأعمام والأخوة.

ويتذاكرون إكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة مولاه، حين عقد له يوم مؤتة على جلّة بني هاشم، وجعله أمير كلّ بلدة يطؤها.

ويتذاكرون حبّه لأسامة بن زيد، وهو الحبّ ابن الحب. وعقد له على عظماء المهاجرين وأكابر الأنصار.

ويتذاكرون صنيعه بسائر مواليه، كأبي أنسة، وشقران، وفلان وفلان.

قالوا: ولنا من رؤوس النقباء أبو منصور مولى خزاعة، وأبو الحكم عيسى بن أعين مولى خزاعة، وأبو النجم عمران بن إسماعيل مولى آل أبي معيط. فلنا مناقب الخراسانية، ولنا مناقب الموالي في هذه الدعوة، ونحن منهم وإليهم، ومن أنفسهم، لا يدفع ذلك مسلم ولا ينكره مؤمن، خدمناهم كبارا وحملناهم على عواتقنا صغارا. هذا مع حقّ الرّضاع والخؤولة، والنشوء في الكتّاب، والتقلّب في تلك العراص التي لم يبلغها إلّا كلّ سعيد الجدّ، وجيه في الملوك. فقد شاركنا العربيّ في فخره، والخراسانيّ في مجده، والنبويّ في فضله، ثم تفرّدنا بما لم يشاركونا فيه، ولا سبقونا إليه.

قالوا: ونحن أشكل بالرعيّة، وأقرب إلى طباع الدّهماء؛ وهم بنا آنس وإلينا أسكن، وإلى لقائنا أحنّ؛ ونحن بهم أرحم، وعليهم أعطف، وبهم أشبه. فمن أحقّ بالأثرة، وأولى بحسن المنزلة ممّن هذه الخصال له، وهذه الخلال فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015