وإيقاع وصنعة، وفقه ورواية، نظرت فيها الخراسانية إلّا فرعت فيها الرّؤساء، وبزّت فيها العلماء.

ولنا صنعة السّلاح من لبد وركاب ودرع. ولنا مما جعلناه رياضة وتمرينا، وإرهاصا للحرب، وتثقيفا ودربة للمجاولة والمشاولة، [و] للكرّ بعد الكرّ:

مثل الدّبّوق، والنزو على الخيل صغارا، ومثل الطّبطاب والصّوالجة الكبار، ثم رمي المجثّمة، والبرجاس والطائر الخطّاف.

فنحن أحقّ بالأثرة، وأولى بشرف المنزلة.

[8- مفاخر العرب]

ثم قلت: وزعم أنّ القربة تستحقّ بالأسباب الثابتة، وبالأرحام الشابكة، وبالقدمة، والطاعة للآباء والعشيرة، وبالشكر النافع، والمديح الكافي بالشّعر الموزون الذي يبقى بقاء الدهر، ويلوح ما لاح نجم، وينشد ما أهلّ بالحج، وما هبّت الصّبا، وما كان للزّيت عاصر؛ وبالكلام المنثور والقول المأثور. أو بصفة مخرج الدولة والاحتجاج للدعوة، وتقييد المآثر، إذ لم يكن [ذلك من] عادة العجم، ولا كان يحفظ ذلك معروفا لسوى العرب. ونحن نرتبطها بالشعر المقفّى، ونصلها بحفظ الأمّيّين. [الذين لا يتكلون على الكتب المدوّنة، والخطوط المطرّسة. ونحن أصحاب التفاخر والتنافر، والتنازع في الشّرف، والتحاكم إلى كلّ حكم مقنع وكاهن سجاع. ولنا التعاير بالمثالب، والتفاخر بالمناقب. ونحن أحفظ لأنسابنا، وأرعى لحقوقنا وتقييدها أيضا بالمنثور المرسل، بعد الموزون المعدّل، بلسان أمضى من السّنان، وأرهف من السّيف الحسام، حتى نذكّرهم ما قد درس رسمه، وعفا أثره.

وبين القتال من جهة الرغبة والرهبة فرق، وليس المعرق في الحفاظ كمن هذا فيه حادث. وهذا باب يتقدّم فيه التالد القديم الطارف الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015