جعلها شورى بينه وبين طلحة والزّبير؟» - قلنا: قد زعمتم أنّهما قد بايعا فإن كانا قد ضلا بتلك البيعة فقد صارا لا يصلحان لإمامة، وإن كان ذلك منهما هدى فقد ضلّا بالصمت قبل الحديث؛ فإن قالوا: قد قلنا ذلك في طلحة والزبير ولكنّا قد علمنا أن سعدا لم يبايع وإنّما ضلّ عندنا بعد أن تبيّن لنا رايه في ترك البسط وفي روايته في تفضيل عليّ على نفسه بعد وفاة عليّ ولكن ما باله لم يدع إلى الشورى يومئذ، وتركه للشورى عندها ضغ [ينة] على عمر وتخطئة للجماعة؟ - قلنا: إنّ عمر لم يشترط ذلك الأبد، ولم يوجبه إلّا في الثلاثة الأ [يام] التي قال: «إن انقضت ولم يفرغوا، فاقتلوهم» ؛ وما علم عمر بما يكون من انحفاظ قوم وتبديلهم، وبأي وجه آخر يدل من تقدّمهم، وبما يحدث في أنصارهم من العمى الذي يمنع من الحكم، أو ممّا يعجل من [.......]
الذي يحول دون الخلافة، أو ليس الإمام الذي بعده قد كان له في رعيّته من التدبير مثل الذي كان لعمر في رعيّته؟.
أولستم تزعمون أنّ أبا بكر أقام عمر وأنّ عمر ترك سيرة أبي بكر وصار إلى الشورى ووضعها؟ فإن قلتم: «إنّما غيّر التدبير حين لم يجد واحدا [قادرا] قلت لكم: وكذلك من بعده فغيّر تدبير عمر كما غيّر عمر ذلك التدبير عن بعض ما شاهد أبو بكر من الحال المخالفة للحال الأخرى، فليس لنا أن نلزم عليّا الشورى إلّا بأن يوجد أنّ عمر قد كان جعل ذلك شرطا محدودا وأنّ الأمة تلقّت ذلك بالتصويب، فلم [يحدث] اختلاف وليس لعمر في سلطانه إلّا مثل ما للإمام [من] المصلحة على قدر ما شاهد من الحال؛ وإنّما تدبير الأمور على قدر اختلاف الأمور وقد وجدنا عليّا نفسه عند الحاجة والضرورة وعند الخطبة على الرعيّة قد أظهر الرضى بأن يكون أبو موسى وعمرو يتشاوران فيه، فكانا في موضع الشورى في ظاهر الحال وهما عنده على ما هما له عندنا، وكذلك معاوية وقد امتنع قبل ذلك أن يحبس نفسه بمخايرة طلحة والزبير وسعد [فحبسها] بحبالة أخرى أبعد من الأولى من كلّ ما ذكرنا؛ وإنّما كلّ ذلك بقدر ما يشاهد الإمام من الحال إذ كان ذلك إنّما يعرف صوابه من باب الرأي فقط.