والتناقض. فهو يقول للجاحظ: «لعن الله ارضا ليس بها عرب» ثم يقول: «ان هذه العريب في جميع الناس كمقدار القرحة في جلد الفرس، فلولا ان الله رق عليهم فجعلهم في حشاة لطمست هذه العجم آثارهم. أترى الاعيار اذا رأت العتاق لا ترى لها فضلا والله ما امر الله نبيه صلّى الله عليه وسلم بقتلهم، اذ لا يدينون بدين، الا لضنه بهم، ولا ترك قبول الجزية منهم الا تنزيها لهم» . وهو يتهمهم بالضعف: ولولا الفلاة التي تحميهم لقضى عليهم العجم، كما يتهمهم بالكفر. ولو كان الكتاب للجاحظ لرد على هذا الاعرابي. او اعترض على مزاعمه.
وتبدو الشعوبية في ناحية أخرى من الرسالة هي تمجيد الفرس واليهود وذكر مآثرهم واخبارهم وحبهم لاوطانهم رغم استيلائهم على بلدان كثيرة غريبة.
وثمة دليل آخر على نحل الكتاب هو كلف صاحبه بالالفاظ الغريبة المتكلفة التي يكرهها الجاحظ ويدعو الى الفصاحة في اللفظ، والابتعاد عن الاغراب والوحشية والتكلف البياني، مثل الجناس والطباق. وهذا التكلف يبدو في كلام الاعرابي «اني والله غاوي إعباب، لاصق القلب بالحجاب، مالي عهد بمضاغ الا شلو يربوع وجد معمعة مني، فانسلت، فاخذت منه بنافقائه وقاصعائه ودامائه وراهطائه..» .