والأخثاء، وكذلك مواقد الكيران.

وتمتلىء ركايا دورهم عذرة فلا يصيبون لها مكانا، فيحفرون لذلك في بيوتهم آبارا، حتّى ربما حفر أحدهم في مجلسه، وفي أنبل موضع من داره.

فليس ينبغي لمن كان كذلك أن يعيب البصريّين بالتّسميد.

فصل منه: وليس في الأرض بلدة أرفق بأهلها من بلدة لا يعزّ بها النّقد، وكلّ مبيع بها يمكن.

فالشّامات وأشباهها الدّينار والدّرهم بها عزيزان، والأشياء بها رخيصة لبعد المنقل، وقلّة عدد من يبتاع. ففي ما يخرج من أرضهم أبدا فضل عن حاجاتهم.

والأهواز، وبغداد، والعسكر، يكثر فيها الدّراهم ويعزّ فيها المبيع لكثرة عدد الناس وعدد الدراهم.

وبالبصرة الأثمان ممكنة والمثمّنات ممكنة، وكذلك الصّناعات، وأجور أصحاب الصناعات. وما ظنّك ببلدة يدخلها في البادي من أيّام الصّرام إلى بعد ذلك بأشهر، ما بين ألفي سفينة تمر أو أكثر في كلّ يوم، لا يبيت فيها سفينة واحدة، فإن باتت فإنّما صاحبها هو الذي يبيّتها. لأنّه لو كان حطّ في كلّ ألف رطل قيراطا لانتسفت انتسافا.

ولو أنّ رجلا ابتنى دارا يتمّمها ويكمّلها ببغداد، أو بالكوفة، أو بالأهواز، وفي موضع من هذه المواضع، فبلغت نفقتها مائة ألف درهم، فإنّ البصريّ إذا بنى مثلها بالبصرة لم ينفق خمسين ألفا، لأنّ الدّار إنّما يتمّ بناؤها بالطّين واللّبن، وبالآجرّ والجصّ، والأجذاع والسّاج والخشب، والحديد والصّنّاع، وكّل هذا يمكن بالبصرة على الشطّر مما يمكن في غيرها. وهذا معروف.

ولم نر بلدة قطّ تكون أسعارها ممكنة مع كثرة الجماجم بها إلّا البصرة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015